مدخل
"لو لم يكن هنالك وجود لما يسمى ب الرياضيات .. لكنت الآن مشغول بتحضير رسالة الدكتوراه"
"لو لم يكن هنالك وجود لما يسمى ب الرياضيات .. لكنت الآن مشغول بتحضير رسالة الدكتوراه"
"الرشوة الحلال"
ضمن سلسلة مواضيع رافعيات الجمعة ..
مقدمة :
الرهبة .. والكره .. والحقد .. والغباء .. جميع تلك الأحاسيس تتملكني عندما يكون الامر متعلق بالرياضيات .
فأنا بليد جداُ في الرياضيات لدرجة أنني أعدت دراسة الصف الأول ثانوي بسبب مادة الرياضيات .. نعم يا سادة .. أضعت سنة كاملة من حياتي بسبب نظريات المعتوه فيثاغورس .
في الصف الثاني ثانوي احرزت علامة 40 من 100 في الرياضيات .. وكان يجب علي إعادة السنة مرة أخرى .. ولكن بسبب القرار التاريخي من وزارة التربية والتعليم الذي كان ينص على أنه "في حال نجاح الطالب في جميع المواد ورسوبه في مادة واحدة فقط .. فأنه ينتقل تلقائياُ للسنة التالية .. حتى بدون أن يتقدم لاختبارات الدور الثاني"
في الصف الثالث ثانوي أحرزت درجة 50 من 50 في الدور الاول .. ليس بسبب نزول الوحي علي .. ولكن لأن مدرس مادة الرياضيات في المدرسة كان يدرسني المادة في منزلي .. وفي بعض الأيام كنت أعود للمنزل من المدرسة وأجده يتناول غداءه مع والدي في مجلس الرجال .. ويذهب بعدها الى "المقلط" ليأخذ قيلولته .. وفي العصر عندما نستيقظ يبدأ في شرح ما تم أخذه الصباح في المدرسه .
في اختبارات الوزارة بذلت مجهود كبير وحصلت على درجة "8" من أصل 30 .. رغم أن المدرس كان يتوقع أنني لن أحرز أكثر من خمس درجات .. ولكني بحمدلله قتلت توقعاته وأظهرت له أنني عكس ما يظن .
القصة :
بعد مرور سنه على تواجدي في قاعات الكلية .. استطعت تجاوز جميع المواد باستثناء مادة الرياضيات التخصصيه .. والتي سبق لي أن رسبت أو كما كنا نطلق عليها في الكلية "حملت" فيها مرتين .
توجب علي دراستها للمرة الثالثة لدى أحد الأساتذة السعوديين .
كان ذلك الاستاذ عصبي .. شديد .. بغيض .. لا يرحم أحداُ .. وكانت هذه الصفات تجعلني متأكداُ أنني في الطريق الصحيح لتحقيق الرقم القياسي للرسوب في تلك المادة .
أتت الاختبارات النهائية وبذلت أفضل المجهودات لتجاوز مادة الرياضيات .. ولكني بعد الاختبار لم أكن واثقاُ بأنني سوف أنجح في تلك المادة .
بعد اختبار الرياضيات مباشرة ذهبت لكافتيريا تقع بالقرب من الكلية التي كنت أدرس فيها .. وكنت صديق للعاملين بتلك الكافتيريا بسبب تواجدي الشبه يومي فيها .
أثناء تناولي للفطور برفقة صديقي مساعد على مقاعد تلك الكافتيريا .. تواجد اثنان من الدكاترة الذين ندرس لديهم مواد تخصصنا "الحاسب الآلي"
قاموا بالسلام علينا .. تناولوا فطورهم .. دفعوا حسابهم .. وغادروا للكافتيريا قبلنا .
بعدما انتهينا من تناول الفطور .. ذهبنا للمحاسب لكي ندفع الحساب .. ولكننا فوجئنا بأن الدكاترة قاموا بدفع حسابنا .
أعجبني ذلك التصرف كثيراُ .. والذي جعلني أغير قناعتي ومشاعري تجاه احد الدكاترة الذين دفعوا حسابنا " من الكره الشديد للاحترام والحب والتقدير .
بعد ما يقارب أربعة أيام على ما حدث في الكافتيريا من قبل الدكاترة .. وفي اخر اختباراتي ذلك الفصل في الكلية .. ذهبت بعد الاختبار لتناول الافطار في نفس الكافتيريا التي أتردد عليها منذ عام تقريباُ .
أثناء جلوسي وتناولي للفطور فوجئت بدخول مدرسة مادة الرياضيات التخصصية للكافتيريا .
كان كعادته عابس الوجه ولم يقم حتى بالسلام علي أو حتى تعبيري .
تناولت فطوري على عجل .. ومن ثم ذهبت للمحاسب .. وقمت بدفع قيمة فطوري .. وقيمة إفطار ذلك المدرس .. والتي كانت خمسة ريال .
دفعت الحساب وغادرت الكافتيريا .
اثناء توقفي عند الاشارة الضوئية القريبة من الكافتيريا .. أصطف بجانبي مدرس مادة الرياضيات .. وطلب مني التوقف بعد الاشارة يميناُ .
امتثلت لأمره .. وركنت سيارتي في موقف بعد الاشارة الضوئية .
ترجل من سيارته وترجلت من سيارتي .. ودار هذا الحديث بيننا في الشارع :
الاستاذ : كيف حالك يا عقيل ؟؟
أنا : بخير الحمدلله ؟
الاستاذ : أنت اللي دفعت حسابي في الكافتيريا قبل شوي ؟؟
أنا : أيوه أنا دفعته .. ومن الحين أقولك والله ما أخذ منك ولا ريال "ابتدا شغل الهياط"
الاستاذ : طيب ليه تدفع الحساب عني ؟؟
أنا : أنت استاذي ومن حقك علي أني أرد لك جزء من بسيط من اللي قدمته لي هذا الفصل " يستمر الهياط"
الاستاذ : طيب يا عقيل تدري أنك ضمن ثلاثة طلاب راسبين في مادتي ؟؟
أنا : لا والله ما أدري .. بس متوقع هذا الشيء
الأستاذ : أقول خذ فلوسك .. لأن مالي حق أخليك تدفع عني قيمة فطوري وأنت راسب عندي .. مفروض أنا اللي أدفع عنك قيمة فطورك .
أنا : خلاص الترم الجاي على بإذن الله اذا درست عندك أعزمني على الفطور .
الاستاذ "يبتسم" : خلاص أتفقنا .. يالله مع السلامه .. وأعذرني يا عقيل لأني رصدت الدرجات وبكرة بسلمها .
أنا : والله معذور .. ما أبي الا سلامتك .. مع السلامة .
ركبت سيارتي .. وركب سيارته .. وغادرنا تلك المنطقه .
على طريق العودة للمنزل و بعد مرور ما يقارب دقيقتين على ما حدث قبل قليل تفاجئت بأن ذلك المدرس خلفي ويطلب مني التوقف جانباُ .
بعد توقفي .. ترجلت من السيارة وذهبت اليه في سيارته .. وطلب مني الركوب معه في السيارة .
بعد ما ركبت في سيارته قال لي "بصراحة ما توقعت أن عندك روح رياضيه وتتقبل الأمور اللي تهم مستقبلك بكل صدر رحب .. بصراحه أنت كبرت في عيني .. وعشان كذا أنا قررت أخليك تعدي المادة والحين قدامك بطلع الكشف وأعدل درجتك"
ثم أستدار للخلف وتناول حقيبته .. وبعد فتحه للحقيبة فتش عن ورقة درجات الدفعه التي كنت ادرس فيها .. وبعدما وجدها أراني درجتي الاجماليه .. والتي كانت تنقصها ستة درجات لأستطيع تجاوز تلك المادة اللعينة .
عدل درجتي أمامي .. ثم قمت بشكره .. وبدون وعي قمت بتقبيل رأسه .. ثم غادرت سيارته والسعادة تغمرني بشكل لا يصدق .
هذه القصة حدثت منذ ما يقارب سبعة سنوات .. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه حتى الآن "هل الخمسة ريالات التي قمت بدفعها في الكافتيريا تعتبر رشوة ؟؟"
في النهاية أعتذر على غياب رافعيات الجمعه عنكم مؤخراُ ..
وبإذن الله سوف تكون متواجدة في الأسبوعين المقبلين .
تقبلوا تحياتي ..