الجمعة، 30 نوفمبر 2012

" لكي لا ننسى سارة "






" لكي لا ننسى سارة "


هكذا هُم الطيبون ,, هكذا هُم الأخيار ,, هكذا هُم أصحاب الابتسامة الدائمة والقلب الطاهر ,, يعشقون المغادرة الأبدية بصمت .
وكانت ساره على رأس تلك القائمة ,, رحلت بصمت من هذه الدنيا ,, وحل بعدها البرد القارس ,, البرد الذي يعذب الأجساد ,, ويقهر القلوب التي بداخلها .
قبيل تواجدها على هذه الدنيا كثرت الأحاديث عنها ,, والسبب يعود لكلام الاطباء ونتائج الفحوصات التي أفادت بأن المولودة القادمة ستكون غير كامله خلقياُ وسوف تعاني من مشاكل صحيه .
كانت الاولى بين أفراد الأسرة أجمعها ,, التي تولد وهي تعاني من مشاكل صحيه ونقص في القدرات العقلية ,, حيث أن جسدها ينمو بشكل طبيعي ,, ولكن عقلها ينمو بشكل بطئ جداُ .

كبُرت سارة وأحبها الجميع كما هي ,, كبُرت سارة وأخبرتنا عن سر آلهي لم يعرفه سوى القلة .
ذلك السر هو "أن الله إذا حرم أبن ادم من شيء .. عوضه خيرا منه " ,, ولقد حُرمت سارة من نعمة العقل ,, ولكنها رزقت بأطهر القلوب .

أعذريني يا سارة فلست مريضة ,, ولا يطالك تقصير بعد تلك المواقف :
لا أنسى عندما رأيتك في ذلك الصباح تجلسين بجوار جدتك المريضة التي هي والدتي ,, وعندما سألتك عن سبب عدم نومك حتى ذلك الوقت ؟؟ قلتي لي و أنتي تحاولين التغلب على تعبك و نعسك "جدة تعبانة وأنا جالسه عندها"
لا أنسى يا سارة قيامك قبل ثلاث سنوات وبعد أجرائي لعملية تحوير المعدة ,, عندما كنتي تحضرين لي إفطاري ودوائي كل يوم الصباح الى سريري ,, على الرغم من أنك لم تقومي بغسل محياك بعد استيقاظك ,, حرصاُ على أن لا تسبقك والدتي بذلك .
لا أنسى تواجدك بجواري كل صباح حتى أنتهي من تناول افطاري وتلُحين علي بشدة لكي أتناول الدواء .
كُنتي حريصه على إرضاء الجميع ,, وكُنتي تحبي الجميع : من تقبلك واحبك ,, وأحببتي حتى من لم يتقبلك .
كُنتي حريصة جداً على تنفيذ أي أمر يوجه اليك ,, لأنك تؤمنين بأن أجر وثمن خدمتك ومساعدتك للأخرين هو زيادة محبتك في قلوبهم .

كيف بعد كل هذا يا سارة أسمح لأحد أن يتهمك بالنقص ؟؟
سوف أجاري كل من يتهمك بذلك , وسوف أخبره بأنني أتمنى لو أن الجميع يعاني من نقصاً مثل سارة ,, بشرط أن يحمل بداخله قلباُ يشابه لطُهر قلبك .
 ذلك القلب الذي أن يغضب منك دقائق ,, ثم يعود اليك طالباُ منك السماح والرضا ,, حتى لو كان هو المجني عليه .


سوف يطول الحديث يا سارة ,, ولو كتبت لك أسطري القادمة بدموعي لن توفيك تلك الدموع حقك ,, حقك الذي يحفظه لك الذي قدمك لنا والذي أخذك منا ,, والذي هو أرحم من الجميع بك .

باختصار يا سارة : كُنتي الدواء ,, وفراقك الداء ,, ولو كان يعُيدك لأحبابك البكاء ,, لبكينا عمراُ ودهر ,, ولزحزحت دموعنا الحجر ,, ولكن ليس لنا غير الصبر ,, وليس لنا غير الدعاء ,, بأن يكون لنا في جناته لقاء .
وداعاً يا ساره .. " وإن كان قد عز في الدنيا اللقاء .. ففي جنات الخُلد نلقاك ويكفينا "

خالك وحبيبك وصديقك "عقيل"







كان اخر ما قامت به ساره هو قيامها بزرع هذه الوردة في فناء منزل أسرتها بعد عودتها من مدرستها , قبل ثلاث ساعات من وفاتها ..


تقييمك للمدونة ؟؟