الاثنين، 21 مارس 2016

المجد للكبار .. ولا عزاء للصغار

مدخل "إنما الابناء بالاكبر بينهم .. فأن صلح البكر .. بقيتهم صلحوا"

المجد للكبار .. ولا عزاء للصغار 
ضمن سلسلة كتابات "رافعيات الجمعة"

** كثيرة هي الاشياء القابلة للنسيان .. وقليلة جداُ الاشياء القابلة للتذكر .
** الاشياء القابلة للتذكر هي أحداث الافراح والاتراح .. والمواقف المحرجة .. والاولويات .
** عند الحديث عن الاولويات يحضر دائماُ شقيقي الأكبر بصفة "البطل"
** دعوني أخذكم في جولة في خضم تلك الاولويات التي عشتها :
** أول جهاز "بيجر" رأته عيناي كان يخص شقيقي الأكبر .. ولا زلت أذكر حتى هذه اللحظة عندما أمضيت ذلك المساء جالساُ بالقرب من شقيقي الأكبر الذي كان يضع جهازة الفريد من نوعه بجانبه وينظر للتلفاز .. بينما كنت اوجه محياي تجاه التلفاز ولكن عيناي كانت تنظر للاسفل لتحفظ معالم ذلك الجهاز .. ليتسنى لي الحديث عنه بفخر في اليوم التالي في المدرسة بين زملائي في الصف .
** أول جهاز جوال كذلك رأته عيناي كان في يد شقيقي الاكبر كذلك .
** الرسيفر والدش حلم المراهقه وأبرز طموحاتي في بداية الالفيه الثانية .. أول من أحضره في الحي شقيقي الأكبر .. ولا زلت أتذكر يوم التركيب في وقت صلاة التراويح لأول أيام رمضان .
** أول جهاز كومبيوتر أستخدمته في حياتي كان في غرفة شقيقي الأكبر في نهاية التسعينات الميلاديه .. كانت صدمة حضارية بالنسبة لي .. وكانت أجمل الاوقات هي الوقت الذي يسمح لي شقيقي باستخدام ذلك الجهاز .
** أغنية عبدالله الرويشد "تصور" كانت أولى الاغنيات التي سمعتها في ذلك الجهاز .. وحفظتها وأحببتها وعشقتها لأنها كانت أول أغنية أسمعها في جهاز الكومبيوتر .. وحتى هذا اليوم عندما اسمع تلك الاغنية تعود الذكريات بي الى تلك الغرفة وتدمع العين .
** أول رحلة بحرية على متن قارب كانت بفضل الله ثم بفضل شقيقي الاكبر وقريبي أبو عقيل .. وكانت في نهاية التسعينات الميلاديه .
** أول سيارة أقتنيتها كانت من شقيقي الاكبر .. وتعتبر الاحب والاعز الى قلبي لأنها كانت الاولى .
** الاولويات لا تنتهي .. ولو حاولت حصرها سوف احتاج الى مجلد .. سوف يكون شقيقي الاكبر هو عنوانه الابرز .
** تسليم جميع صلاحيات الابناء من عقاب وثواب الى الابن الاكبر وجعله مسؤولاُ عنهم .. لا يفعله سوا الاباء الاذكياء .. ومنهم والدي حفظه الله .
** لا أنكر أنني كنت أمتعض كثيراُ من ذلك في صغري .. وشالت النفس على والدي بسبب ذلك .. لأن شقيقي كان مصدر رعب بالنسبة لي .. ولكن عندما كبرت وأصبحت ناضج العقل .. عرفت أن والدي قام بالشيء الصحيح .
** في نهاية التسعينات كنت الاشهر بالصف من ناحية البلادة وعدم الاهتمام والمشاكسه .. ولكن شاءت الاقدار أن يحضر شقيقي الاكبر بشكل مفاجئ و بالنيابة عن والدي في مجلس الاباء .. ذلك الشيء أسعد فؤاد بعض المدرسين الذين كانوا منزعجين مني .. وقاموا ببث شكواهم وتذمرهم من تصرفاتي لشقيقي الاكبر .
** لا زلت أتذكر دمعات الغضب التي تجمعت في عيون شقيقي الاكبر .. ولا زلت أذكر كلمة شقيقي لمدرس الكيمياء " بأذن الله من بكرة راح تشوف عقيل ثاني"
** في طريق العودة للمنزل مع شقيقي الاكبر سمعت منه جميع انواع التهديد والوعيد في حال عدم أنتظامي دراسياُ واخلاقياً .. وأضاف بأنه سوف يأتي في نهاية كل أسبوع لأخذ رأي المدرسين وأنطباعهم عني .
** و لأنني أعرف عقاب ذلك الشخص جيداُ تغيرت .. و من الصباح التالي غيرت مكاني بالصف من الاخير للامام .. وتغير أهتمامي بالدروس .. و تغيرت أخلاقي للافضل .
** حتى بعد أنتهائي من الدراسة .. لم أجد شخصاُ حريصاُ على حصولي على وظيفة أكثر من شقيقي الاكبر .. الذي كان يبحث لي بشكل دائم عن الوظائف .. لدرجة أنه كان يترك عائلته وأشغاله ليأخذني للبحث عن وظائف خارج المنطقة الشرقية .
** يحتاج الشاب في مرحلة المراهقه كما يسميها البعض الى نوعين من الاشخاص .. شخص يخافه .. وشخص يقتدي فيه .. و من حسن الحظ كان شقيقي يجمع تلك الصفتين .
** لذلك يجب على الاب الذكي أن يزرع في أبنه الاكبر تلك الصفة .. ويربي بقية أبناءه على احترام وتقدير شقيقهم الاكبر .. والانصياع له .. في حال غيابه .. ولا مانع من جعله "بعباُ" لهم .
** قالواُ قديماُ "حدثني من تصاحب .. وسوف أخبرك من أنت " .. و أنا سوف أقول "حدثني عن الأبن الأكبر لعائلتك .. وسوف أخبرك عن بقية الابناء "
** من الجهل الشديد المساواة بين الابناء .. لأنك اذا ساويت بينهم سوف يحضر الاتكال والحسد والبغضاء بينهم .. سوف يحاول كل شخص بينهم أن يفرض أسمه ك قائد لباقي الافراد دون مراعاة فارق العمر والاولويه .
** قد نجد في عائلة الابن الكبير صالح وأنسان أكثر من رائع .. ولكن بقية اشقاءه على النقيض تماماُ .. هنا تأكد بأن والدهم أخطاء في عدم تسليطه عليهم .. وجعله قدوة ومسؤول عنهم .. و لو تمعنت في تلك العائلة سوف تجد أن الاب ضد فكرة جعل أكبر أبناءه خليفة له في المنزل .. من باب المساواة بينه وبين بقية أشقاءه .
** لذلك أذا حاولت أن تهدم أبنائك وتشتتهم .. فما عليك سوا بتهميش واضعاف وتحقير أكبرهم .
** وكذلك إذا حاولت أن تخرج للمجتمع أبناء جيدين .. فما عليك سوا الاهتمام والتركيز في تربية أبنك البكر .. وسوف ترى نتائج ترضيك في المستقبل بإذن الله .. لأنه سوف يكمل نقصك .. وسوف يعوض غيابك .. وسوف يكون الصديق النصوح والمحب لأبنائك .. وسوف يكون سراجهم في يومهم الاسود .
** الله يطول بأعمار أشقائنا الكبار ويحميهم .. ويصلح من لديه أبناء .. وأخص بالذكر .. الكبار منهم .

الاثنين، 1 فبراير 2016

" يا زارع الثوم لن تحصد الرمان "

مدخل " عقول الاطفال مثل الحقل الفارغ وأنت المزارع .. تزرع ثوم .. يطلع ثوم .. تزرع رمان يطلع رمان"


" يا زارع الثوم لن تحصد الرمان "
ضمن سلسلة مواضيع رافعيات الجمعه .

** اذا اعطاك احدهم صندوق .. وتفاجئت عند فتحك للصندوق بأنه يحتوي على مادة عفنه وذات رائحه كريهه .. هل سوف تصب كل غضبك وسخطك على الصندوق !! أم على من وضع العفن في ذلك الصندوق !!
** بالتأكيد إجابتك سوف تكون "على من وضع العفن" لأن ليس للصندوق ذنب فيما وضع بداخله .. لأن ليس له سلطه ان يضع بداخله ما يشاء .
** عقول الاطفال مثل الصناديق الفارغة .. يتم تعبئتها أولاُ من الوالدين .. ويبقى هنالك أجزاء بسيطة "للاعلام - للصديق - للمعلم- لاقاربه"
** لذا عندما يتصرف معك احد الاطفال او المراهقين بحماقة وقلة احترام .. لا توجه سخطك وغضبك وحنقك عليه .. لأنك في هذه الحالة جعلت الصندوق هو خصمك .. ولكن وجه جميع ما بداخل قلبك تجاه المسؤول عن تربية ذلك الطفل او المراهق .
** الكثير من الاباء والامهات للاسف تركوا تربية اطفالهم لغيرهم .. لأنهم انشغلوا بأمور ليست اهم من تنشئة اطفالهم .. لذلك تجدهم عند اول مشكلة كبيرة تحدث لابنهم تجد كل شخص يتنصل من المسؤولية ويرميها في ملعب الاخر .
** اذا اردت معرفة تربية شخص ما .. فحاول ان تجلس بعض الوقت مع ابنائه .. وتتحدث معهم .. وسوف تصل خلال دقائق الى خلاصة تلك التربية .
** أرجوكم أهتموا بتربية أبنائكم .. فلم يعد يطيب لنا مجلس بسببهم .. ولم يعد يطيب لنا الذهاب لاماكن الترفيه بسببهم .. حتى الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بدأنا ننفر منها بسبب الفاظهم القذرة وتعليقاتهم البذيئة .
** كان لدي شقيق وصديق .. شاهدني وانا بعمر التسعة سنوات اضحك على عجوز يتبول على نفسه في الشارع .. فقام بتوبيخي بشدة رغم انني توقعت انه سوف يضحك مثلي .. مرت ثلاثة و عشرون عام ولم انسى كلماته لي "ترضى احد يضحك على جدك كذا !! اذا شفت مثل هذا المنظر قول اللهم لا تبلانا عشان ربي ما يبليك مثله" .. من ذلك اليوم وحتى اليوم لم اتشمت بشخص مهما كانت حالته .. رحمك الله يا شقيقي ويا حبيبي .. رحمك الله يا حامد الرويلي .
** فتاة غير مسلمة .. خلقها الباري مشوهة المحيا .. بعد سنوات من الخجل من محياها .. قررت وضع صورة لها في حسابها على الانستغرام .. حتى تتأكد هل الاخرين مثلها يعتقدون بأنها بشعة .. أم ملامحها عاديه ولا يوجد فيها ما يعيب .
** كانت اغلب التعليقات لابناء جلدتها الغير مسلمين مشجعه ومحفزة وجميلة .. لكن الصدمة كانت من ردود وتعليقات أبناء المسلمين .
** تعليق 1 " أول ما فتحت الصورة أنخرعت" تعليق 2 و 3 " أعوذ بالله " تعليق 4 "شكلها عطست وما صكت عينها " تعليق 5 " لو اختي كذا تبريت منها "



** جميع التعليقات اللي بالاعلى لفئة عمريه بين 10 الى 16 سنة .. لا أستطيع ان الوم هذة العقول البذيئة .. ولكني الوم الاشخاص الذين لم يضعوا المفاهيم الجميلة والمحترمه في تلك العقول .
** يشهد رب العز والجلاله انني اصبحت كاره لقراءة التعليقات التي في اسفل مقاطع اليوتيوب .. والتي توجد أسفل المقاطع المضحكة في الانستغرام .. لسبب واحد .. حتى لا يزداد كرهي لهذا المجتمع .. ولا يزداد حنقي على الاباء والامهات اكثر واكثر .
** حاول ان ترتدي واقي صحي على وجهك .. وغامر .. وأذهب الى اليوتيوب وشاهد التعليقات تحت مقطع قصيدة هند المطيري ويح القبيلة .. أو لمقابلة خولة العنزي أو لأي فتاة عربيه خرجت عن مسار العادات والتقاليد .
** اذا كنت ذا مروءه سوف يشيب رأسك بكلمات القذف والشتم والتكفير وغيرها .
** الطفلة السمراء ريتال .. أنتشر لها مقطع وهي تشكي لوالدتها بأن الاطفال في الروضه لا يريدون اللعب معها .. لماذا يا ترى !! لأنها "سووووداء" كما تقول .

https://youtu.be/tDl-KUJ8L8U

** لاحظوا .. روضة .. يعني أطفال لم تتجاوز اعمارهم الستة اعوام .. من يا ترى وضع في عقولهم تلك الفكرة القذرة عن السود ؟؟
** حتى الشخص الذي يكتب لكم هذة الكلمات واجه نفس الذي واجهته الطفلة ريتال ولكن في مرحلة المراهقة .
** ذهبت لمنزل صديقي بطلب منه لكي أشرح له مادة الانجليزي قبل الاختبار النهائي بيوم .. عند وصولي لمنزله خرج لي والده "الذي تظهر علامة الالتزام من لحيته" .. وكان حانق وغاضب لأن الكائن الاسود الذي امامه هو صديق لأبنه .
** سمعته يوبخ أبنه داخل منزلهم ويقول " ما قلت لك لا تمشي مع عبيد ؟؟" ولم يسمح لي بالدخول لمنزله .. وجعلنا نقضي وقت المذاكرة عند مدخل العمارة .
** في اليوم التالي صديقي العزيز ترك مكانه بجانبي .. وأنتقل للجلوس في نهاية الصف .. بطلب من والده على ما اعتقد .
** قبل مدة سمعت احد اطفالنا يقول عن فتاة مراهقه بأنها كافرة .. تعجبت من ذلك وعندما سألته عن الذي دعاه لقول ذلك فأخبرني لأن تلك الفتاة " كاشفة الوجه"
** جلست لدقائق احاول تصحيح ذلك المعتقد الخطير .. وكنت أتسائل بداخلي وما زلت أتسائل " يا الهي ماذا عن باقي المعتقدات التي يحتويها ذلك العقل الصغير ؟؟"

** سيقراُ كلامي الاباء والامهات .. وسوف يخالجهم شعور داخلي بأن أبنائهم وبناتهم في قمة الاحترام .. ولكنني أتمنى منهم التأكد .. وعمل اختبار بسيط لمعرفة ما تحتويه عقول ابنائهم .. وليروا نتاج تربيتهم طوال تلك الشهور والسنين .
** رسائل الختام :
- علموا أبنائكم بأنهم عندما يتهكموا على محيا شخص ما فأنهم التهكم موجه للخالق .. وليس موجه للمخلوق .. لأن ليس للمخلوق سلطة في خلقته .
- علموا أبنائكم بأن اصحاب المذاهب الاخرى ليسوا ب "كفار " .. وأن أمرنا وأمرهم لله .. وذكروهم بتعامل اعظم الخلق مع جاره اليهودي .
- علموا أبنائكم أن الاجانب ليسوا حراميه .. وأنتبهوا من تخويفهم بطريقة تنفرهم بالاخرين .. مثل "اذا طلعت للشارع راح يخطفك الهندي .. أو البنغالي"
- علموا أبنائكم بأن السود مثلهم مثل الاخرين .. فيهم الطيب وفيهم الخبيث .. وليسوا كما يصورهم الاعلام .. أو العنصريين .
- علموا أبنائكم بأن يعرفوا أصولهم لكي يتعارفوا على الاخرين بها .. وليس ليتفاخروا أو يتعنصروا بها .
- علموا أبنائكم أحسان النية بالاخرين .. لأن زرع سوء النية بداخلهم لن ينتج الا شخص " شكاك .. موسوس .. كاذب .. معقد .. انطوائي "
- عملوا أبنائكم ثقافة الاعتذار .. وأن الاعتذار شيء جميل جداُ .. لا يفوقه جمالاُ إلا الاعتراف بالذنب .

** لن أطيل أكثر .. أتمنى أنني كتبت ما هو مطلوب مني .. وأترك لكم المساحة .. لآكمال ما تبقى في أنتاج جيل " محترم - لبق - خلوق " عفواُ .. "جيل أسلامي حقيقي"

الجمعة، 22 يناير 2016

حُلم لا يحتاج الى تفسير !!



حُلم لا يحتاج الى تفسير !! 
ضمن سلسلة رافعيات الجمعة 

صحى قاسم من منامه مرعوباً .. أمسك بهاتفه .. وأتصل على والدته :
قاسم : ألو .. والدتي .. لقد رأيت كابوس .. لابد أن أخبرك به لتبحثي عن تفسيره .. حلمت بأنني تعرضت لحادث مروري وكان برفقتي شقيقي الاصغر قصي ..
وتعرضت للشلل النصفي بسبب ذلك الحادث .
والدته : عسى خيراُ .. أقرأ المعوذات .. وأخلد للنوم .. وسوف أبحث لك عن تفسير الحلم .

عاد قاسم الى النوم .. وما هي الا نصف ساعه .. حتى استقيظ مرعوباً مرة أخرى .. أمسك بهاتفه .. وأتصل على والدته :
قاسم : ألو .. والدتي .. لقد راودني كابوس آخر في منامي .. أبحثي عن تفسيره .. حلمت أنني مصاب بمرض سرطان الدم .. والمرض أنتشر في جميع اجزاء جسدي .. أنا خائف يا أمي .
والدته : عسى خيراُ يا بني .. لقد وضعت كوب ماء بجانبك .. تناوله وأرجع للنوم .. وسوف أبحث لك عن تفسيره .

عاد قاسم الى النوم .. وما هي الا ساعه .. حتى أستقيظ كعادته مرعوباُ .. امسك بهاتفه .. وأتصل على والدته :
قاسم : ألوو .. والدتي .. لن تصدقي ذلك الكابوس الذي رأيته قبل قليل في منامي .. حلمت بأنني تعرضت لحادث مروري آخر .. وكان برفقتي شقيقي الاصغر قصي .. توفى قصي ..
شقيقي الوحيد .. وصديقي الوحيد .. توفى .. لا يمكن أن يحدث هذا يا أمي .. حتى ولو بالاحلام .
صمتت والدته لبرهه .. ثم خرت باكيه .. وبعدها أقفلت السماعه .

حاول قاسم أن ينام .. ولكنه لم يستطع .. غطى راسه باللحاف .. وفي ذلك الظلام .. غط بالنوم .

الكابوس الرابع :
كان قاسم يحلم بأنه داخل صندوق .. ولكنه لا يستطيع الكلام .. الظلام حالك .. ويسمع شخصين يتحدثون خارج الصندوق .. قال أحدهم :
المريض الذي أمامك هو أصعب حاله شاهدتها في حياتي .. تخيل يا دكتور أنه تعرض لحادث مروري قبل أسبوعين .. توفى شقيقه الاصغر بالحادث .. وأصيب هو بالشلل النصفي ..
أثناء أجراءنا للفحوصات أكتشفنا بأنه مصاب بسرطان الدم والذي أنتشر بجسمه دون أن يشعر .. كان في غيبوبه لمدة أسبوعين .. بالامس فقط صحى من غيبوبته .. وأخبرناه بجميع الذي تعرض له .. 
لكنه تعرض لصدمة عصبيه .. جعلته يفقد أتزانه العقلي .. يعتقد بأنه في يعيش في كابوس .. الان هو يستمع الينا من تحت اللحاف .. ويعتقد بأنه في كابوس .

الأحد، 17 يناير 2016

" تباُ لك "

" تباُ لك "
ضمن سلسلة مواضيع رافعيات الجمعة .

تواجد الشقيقان قصي و قاسم على مائدة الطعام في منزل صديقهما رامي .. وكذلك الامر لريان أبن عمة رامي .
أعدت شقيقات رامي العديد من المأكولات الشهية للضيوف .
كانت المشروبات الغازية متواجدة على تلك السفرة .. وذلك ما دعا قاسم أن يبعدها من أمامه .
رامي : ما زلتما تقاطعان المشروبات الغازية .
قاسم : نعم .. في الاسبوع الفائت أتممنا ستة أشهر في البعد عنها .
رامي : امممم جميل .. ولكن الى متى ؟
قاسم : الى اخر يوم في اعمارنا .
كان قصي يشاركهما النقاش بالاستماع فقط .. لأنه كان منشغل بالمأكولات التي امامه .
قاسم : لماذا لا تقاطعها يا رامي !؟
رامي : أنا عاشق للمشروبات الغازية من الصغر .. ومن الصعب جداُ الاقلاع عنها .. إقلاعي عن التدخين بالنسبة لي أسهل من مسألة إقلاعي عن تناول هذة المشروبات اللذيذة .
قاسم : ولكنك تجهل مضارها الصحية والخطيرة جداُ .
رامي : لا أهتم لمعرفتها .. ولكن أشعر بأن مصدر جميع تلك المعلومات السلبيه عن المشروبات الغازية هو شركات العصائر .
قطع حديثهما طلب قصي من رامي بأن يناوله علبة ماء .
قاسم : هل تعلم يا رامي إن العلبة الواحدة من هذه المشروبات الغازية تحتوي على ما يعادل 10 ملاعق سكر ، و هذه الكمية كافية لتدمير فيتامين (ب) و الذي يؤدي نقصه الى سوء الهضم و ضعف البنية و الاضطرابات العصبية و الصداع و الارق و الكآبة و التشجنات العضلية ؟
أومى رامي براسه مندهشاُ من تلك المعلومة الصادمة جداً .
قاسم : وهل تعلم أيضاُ أن وجود مادة الكافيين يؤثر سلبا على امتصاص الحديد مما يؤدي الى فقر الدم ؟
فتح رامي عينه حتى كادت أن تسقط من المحجر الى صحن اللازانيا الذي على الطاولة امامه .
قاسم : وهل تعلم أيضاُ أن المشروبات الغازية مفيدة جداً في تنظيف المراحيض والبورسلان ، لكونها غنية بالأحماض التي تساعد على هذا الأمر ، وتساعد تلك المشروبات أيضاً على إزالة الصدأ بكفاءة عن الحديد
حينها جن جنون رامي وصاح قائلاُ :
كفى كفى .. أعلنت أنضمامي منذ هذه اللحظة اليكما يا اصدقائي في مقاطعة المشروبات الغازية .
أبتسم قصي وكان ينظر الى شقيقه الاكبر بكل فخر وسعادة .. بينما كان قاسم يكاد يطير فرحاُ بالذي حققه من إنجاز .
بعدها شرع قاسم و رامي بالأكل .. وتعويض الوقت الذي استغرقاه في الحديث عن المشروبات الغازية .

قطع ذلك الصمت صوت تملأه الحشرجة .. وكان صاحب الصوت هو ريان الذي قال وهو ينظر الى طعامه دون أن تبدي عيناه اي اهتمام بالاشخاص الموجودين :
الاهتمام بالصحة أمر جميل .. وأتمنى أن يثيرني ذلك بنفس القدر الذي يثيرك أنت وشقيقك .. ولكن تلك الاثارة قتلها صديقي نادر .
قاسم : هل لك ان توضح كيف قتلها ؟
ريان : صديقي نادر شاب ثلاثيني .. أفضل من يهتم على صحته على الاطلاق .. لمدة عشر سنوات وأكثر لم يذق طعم السكر الصناعي .. ويمارس رياضة المشي مرتان باليوم .. وحريص على التمارين السويديه بشكل يومي ..
يغضب أن زاد وزنه المثالي خمسة جرامات .. لا يسهر .. لا يشرب المشروبات الغازية ولا الكحولية .. لا يدخن .. و يمتلك جسم كأنه لوحة لبيكاسو .. اه .. ليتني أمتلك مثل جسده .
قاسم : جميل جداُ .. هذا ما نصبو اليه .. سوف أجعل صديقك نادر قدوتي ومثلي الاعلى .. ويجب أن نتعرف عليه بأسرع وقت .
ريان : لا تستطيع
قاسم : لماذا !!
ريان : لأن نادر توفى وهو نائم قبل ثلاثة أعوام .. يا لذلك الغبي .. لم يتلذذ بالمأكولات ولا بالمشروبات لأنه كان يعتقد أنه سوف يعيش سنوات أكثر أن فعل ذلك .

خيم الصمت على الجميع بعد كلمات ريان .

قطع صوت فتح علبة مشروب غازي ذلك الصمت الرهيب .. وكان مصدر الصوت هو قصي .. الذي كان يتلذذ بذلك المشروب الغازي .. و نظراته الحانقة موجهه لشقيقه الاكبر قاسم .. وكأن لسان حاله يقول "تباُ لك" .

تقييمك للمدونة ؟؟