" هذي هي فرصتك يا ولد أختي "
قصة واقعية ,, ضمن سلسلة رافعيات الجمعة
مثل الكثير من أبناء هذا البلد كان أجدادي من البدو ,, وهم الذين لقبوا بهذا الاسم نتيجة تواجدهم وعيشتهم في البادية .
ولكن أغلب البدو في العقود الثلاثة الأخيرة تركوا البادية والصحراء ولزموا المدينة ,, وتمدن الأغلبية منهم شكلاً وليس مضموناً .
شكلاُ وليس مضموناُ لأنهم وإن سكنوا في الفلل والمنازل الفاخره ,, وأصبحوا يستخدمون الأجهزة الكهربائية ,, إلا أن اعتقاداتهم وعاداتهم لا تزال كما هي ولم تتغير .
بالطبع يريد البعض منكم بعض الأمثلة على تلك العادات التي لم تتغير ,, لذا أسمحوا لي ان أذكر لكم بعض تلك العادات :
عدم جواز النظرة الشرعية حتى وأن كانت جائزة شرعاُ ,, "التحجير" وهو أن يحجز الشاب ابنة عمه ولن يتجوزها غيره ,, عدم الزواج من الحضر لعدم التأكد من مرجعيتهم القبلية لأن البعض منهم لا ينتمي الى أي قبيلة معروفة ,, الأب لا يحضر زفاف أبنته ,, وغيرها من العادات والتقاليد الأخرى .
ولأن خالي ممدوح خالف أحد تلك العادات وذلك بعد تركه قريتنا في شمال المملكة وذهابه لشرق المملكة وارتباطه بأحدى الفتيات الحضر من تلك المنطقه , كان سببً كافياَ ليكون عظة وعبرة نسمع فيها أنا وأشقائي وباقي أفراد العائلة .
كان خالي ممدوح محط السخرية والانتقاد ,, وكنا نكرهه رغم أننا لم نراه ونحن صغار إلا في مرات معدودة عندما كان يزور منزل والدته ويغادر بعدها بأيام .
ولكن كلمات والدي وأعمامي وخوالي وهم أقرب الناس لخالي ممدوح جعلتنا نكرهه ولا نفتخر بأنه ينتمي الينا .
مرت السنوات في تلك القرية وكبرنا وتغيرت الأفكار والاهتمامات ولكن العادات والتقاليد لم تتغير .
في عام 2001 أراد ابن عمي الزواج من فتاة تقطن في نفس الحي الذي يقطنون فيه ,, ولكن عمي رفض الفكرة ووبخ أبنه أشد التوبيخ لأنه أراد الارتباط بفتاة من قبيلة أخرى ,, وتلك القبيلة على حسب مزاعم عمي لها صولات وجولات في الماضي ضد القبيلة التي ننتمي إليها .
لذلك تم إجبار أبن عمي طلال على الزواج من شقيقتي نوره رغم أنه يعتبرها بمثابة شقيقته ,, لأننا كنا نقضي مع أبناء عمومتنا أغلب أوقاتنا في منزل جدي .
وبما أن والدي يؤمن بتلك العادات والتقاليد ويجلها ويحترمها ويقدسها ,, أخبرني بأنه من الواجب علي أن أتزوج ابنة عمي عائشة ,, كرد على تزويج عمي لأبنه من أحدى بناتنا .
كان الأمر بمثابة أن يقوم بائع الخضار بشراء رغيف خبز من الخباز ,, ويقوم بعدها بلحظات الخباز بشراء خضار من بائع الخضار .
أخبرت والدي باستحالة حدوث ما يخطط له ,, لأنني ما زلت طالب في نهاية المرحلة الثانوية ,, ولأنني ثانياُ لا أنوي الزواج من عمي لأن بناته بمنزلة شقيقاتي .
كانت ردة الفعل حازمة وصارمة للغاية عندما قال والدي بأنه سوف يذهب بعد صلاة المغرب لعمي لخطبة أبنته عائشة لي ,, وأن الزواج سوف يتم بعد عام تقريباً .
من باب الاحترام والتقدير لم اشأ أن أحرج والدي مع عمي ,, خصوصاً أن عمي وافق على تزويجي أبنته ودون العودة الى أبنته وأخذ موافقتها في مسألة تزويجها مني .
بعد شهور من عقد قراني على ابنة عمي التحقت بالقطاع العسكري رغماً عني ,, لأن هذه هي رغبة والدي وفعل ما بوسعه لكي ألتحق بتلك الدورة العسكريه .
كان الجميع حانق على دخولي المجال العسكري خصوصاً أنني تخرجت من الثانوية بتقدير ممتاز وبمعدل مرتفع يكفل لي الحق بدراسة أي مجال أختاره من الطب للهندسة وغيرها من التخصصات المرغوبة .
كنت ضائع ,, كنت تائه ,, كنت حائر ,, لا أعلم ما قد يحدث لي غداُ ,, أو ما قد سوف يحدث لي بعد دقائق ,, لأن حياتي ومستقبلي مرتبطه بتصنيفات وأختيارت والدي .
لإتمام أمور زواجي من عائشة أبنة عمي وجب علي دفع المهر والمقدر ب 50 الف ريال يذهب نصفه أو الثلثين منه لعمي ,, مثل ما حدث لمهر شقيقتي نورة و الذي أنتهى معظمه في شراء والدي عدداُ من الإغنام فيه .
اقترضت مبلغ 70 الف ريال من البنك ,, ودفع والدي ما يقارب 20 الف ريال أخرى ذهبت في مصاريف الزواج .
بعد تلك المعاناة المادية ,, والظروف التي تقهر الرجال ,, تمنيت أنني حصلت على نصف ما أتمنى من ابنة العم التي كانت سبب في تواجد الهموم والمشاكل في حياتي .
كانت عنيدة ,, متكبرة ,, عملها اليومي هو معرفة ما يحدث في حياة شقيقاتها المتزوجات ,, أكبر طموحاتها أن تكون أفضل من شقيقاتها وصديقاتها ,, تكره العلم والقراءة ,, موهوبة وفنانه خبيرة في التحطيم وقتل الثقة بالنفس ,, تكره الطبخ لأنها تعتقد أن هذا عمل الخادمات فقط ,, وهي ليست بخادمة لي ,, ناهيكم عن غسيل الملابس وتنظيف الشقة وأمور أخرى .
بعد صبر دام لسنتين قررت عدم الاستمرار معها وتطليقها ,, وتم ذلك بعد أخذ وجذب ومشاكل حدثت بين عائلتي وعائلة عمي ,, تم على أثرها طلب زوجة عمي من أبنها طلال تطليق شقيقتي نوره كردة فعل على قيامي بتطليق أبنتها عائشة .
لكن أبن عمي رفض تلك الفكرة خصوصاُ أنه تأقلم مع شقيقتي وأصبح أب لأثنين من الذكور .
كرهني عمي ,, وكرهني جميع من في منزله ,, كرهني والدي في بداية الأمر ولكن مع مرور الشهور عادت الحياة لمجاريها بيني وبين والدي .
ولأن هذه الدنيا محطة عبور للآخرة ,, أنتقل والدي الى رحمة الله في العام 2004 ,,بعد ما يقارب ستة شهور من تطليقي لابنة عمي .
لم أستطع العيش في تلك القرية بعد وفاة والدي ,, ورأيت أنه من الأفضل أن أنتقل لأي مدينة أخرى أجد نفسي فيها من جديد ,, وحدث ذلك بعد أن طلبت من أحد أصدقاء الوالد مساعدتي في نقلي الى أي مدينة في المملكة ,, وتم نقلي الى المنطقة الشرقية ,, المنطقة التي يقطن فيها خالي ممدوح .
تواجدت في الشرقية ,, و التحقت بالعمل ,, وتمكنت مني الراحة النفسية في أول الأيام وشعرت بأنني مثل المولود الجديد ,, أو السجين المسرح حديثاُ من السجن .
بعد أسابيع من تواجدي في الشرقية وردني اتصال من شخص جهلته في البداية ,, ولكنني علمت فيما بعد أنه خالي ممدوح ,, والذي علم من والدتي بأنني أصبحت أعمل في نفس المنطقة التي يتواجد فيها ,, لذلك ألح علي بالذهاب الى منزله والتعرف على أبنائه .
غضبت كثيراُ على تصرف والدتي عندما أعطت ذلك الشخص الكريه رقم هاتفي وهي تعلم بأنني لا أحترمه ولا أقدره ,, والآن اصبحت مجبوراُ على الذهاب اليه والتعرف على أبناءه من زوجته الحضرية .
بعد مرور أسبوع على تلك المكالمة تواجدت أمام منزل فخم في أحدى الأحياء الراقية في المنطقة الشرقية ,, ولم أكن أصدق أن صاحب ذلك المنزل الرائع هو خالي ممدوح .
قرعت باب المنزل ,, وبعد لحظات خرج لي شاب يرتدي بدله رياضيه واستقبلني بحفاوة وبعدما عرفني بنفسه بأنه خالد أبن الي ممدوح قام بإدخالي الى داخل المنزل .
في داخل المنزل وجدت نفس الحفاوة والتقدير من خالي ممدوح وأبنه الأكبر سلطان ,, والذي علمت فيما بعد أنه يدرس الطب ,, ونفس الأمر لأبنتهم سلطانه ,, أما خالد فهو لا يزال في نهاية المرحلة الثانوية .
كانوا سعداء للغاية بتواجدي في منزلهم ,, وشعرت بذلك الأمر من خلال رؤيتي لأعينهم المتشوقة لرؤية أحد أقاربهم والتعرف عليه .
كنت أول شخص من العائلة من يدهس بقدمه منزل خالي ,, وكنت أول شخص من العائلة يتعرف عليه ابناء الخال ممدوح .
سألني خالي عن الأخبار في القرية وآخر المستجدات ,, وفوجئت أنه لم يقم بسؤالي عن أسباب تطليقي لابنة عمي ,, لأن تلك العادة موجودة لدى والدي رحمة الله عليه وكذلك لدى عمي ولدى أغلب كبار القبيلة وهو التحقيق وكثرة الأسئلة والفضول أو بمعنى أدق "اللقافة"
قمت بسؤال خالي :
أنا : خالي ما سألتني عن سبب تطليقي لبنت عمي ؟؟
خالي : ليه أسألك ؟؟
أنا : يعني ما يهمك تعرف الأسباب اللي خلتني أطلقها ؟؟
خالي : هذا شيء خاص فيك ولا يهمني أعرفه ,, أنا أهم شيء عندي أعرف أخبار أمك وكيف صحتها , وأنكم بخير وسلامه .
قلت في خاطري بعد كلمات خالي "والله من الرخامه ,, ما يهمك تأخذ علوم ولد أختك ,, هذا نهاية اللي يتحضر ويترك علوم وعادات أهله وقبيلته "
بعد ساعتين تقريباُ قال أبنه خالد : أذن المغرب يالله مشينا نصلي .
دارت هذه الكلمات في داخلي بعد كلام خالد " زين أنك تعرف الصلاة ,, لابس بنطلون وسيقانك طالعه هذا غير الفانيلة اللي مكتوب عليها كلام بالانجليزي ,, ولك وجهه تتعرض قدامنا بلبسك هذا ,, يا حيف على خالي اللي ما عرف يربيكم "
توضأت وذهبت بعدها للمسجد برفقة خالي وأبناءه سلطان وخالد الذي قام بتغيير ملابسه وأرتدى ثوب ,, وهذا ما جعلني أقول في داخلي أيضاُ " ايوه سوي نفسك محترم قدامي ,, أنا متأكد انك من نوعية الشباب اللي يصلون بسراويل رياضه وسيقانهم مكشوفة "
بعد الصلاة أردت المغادرة ,, ولكن خالي رفض ذلك وقال وهو يبتسم : وين تمشي الله يصلحك ,, عشاك اليوم عندنا ,, وبعد شوي راح يجون الضيوف ,, وش نقولهم لو سألونا وين ضيفكم ؟؟ نقول لهم أنك مشيت ؟؟
قلت بداخلي " زين أنك يا خالي متمسك بعادة أكرام الضيف ,, والله اللي يشوف سكسوكتك ولبس ولدك وسوالفكم ما يظن أنكم وجيه أكرام ضيف وغيره "
أصبحت مجبور على المكوث بعد علمي بأنهم سوف يقيمون لي وليمة عشاء .
قصة واقعية ,, ضمن سلسلة رافعيات الجمعة
مثل الكثير من أبناء هذا البلد كان أجدادي من البدو ,, وهم الذين لقبوا بهذا الاسم نتيجة تواجدهم وعيشتهم في البادية .
ولكن أغلب البدو في العقود الثلاثة الأخيرة تركوا البادية والصحراء ولزموا المدينة ,, وتمدن الأغلبية منهم شكلاً وليس مضموناً .
شكلاُ وليس مضموناُ لأنهم وإن سكنوا في الفلل والمنازل الفاخره ,, وأصبحوا يستخدمون الأجهزة الكهربائية ,, إلا أن اعتقاداتهم وعاداتهم لا تزال كما هي ولم تتغير .
بالطبع يريد البعض منكم بعض الأمثلة على تلك العادات التي لم تتغير ,, لذا أسمحوا لي ان أذكر لكم بعض تلك العادات :
عدم جواز النظرة الشرعية حتى وأن كانت جائزة شرعاُ ,, "التحجير" وهو أن يحجز الشاب ابنة عمه ولن يتجوزها غيره ,, عدم الزواج من الحضر لعدم التأكد من مرجعيتهم القبلية لأن البعض منهم لا ينتمي الى أي قبيلة معروفة ,, الأب لا يحضر زفاف أبنته ,, وغيرها من العادات والتقاليد الأخرى .
ولأن خالي ممدوح خالف أحد تلك العادات وذلك بعد تركه قريتنا في شمال المملكة وذهابه لشرق المملكة وارتباطه بأحدى الفتيات الحضر من تلك المنطقه , كان سببً كافياَ ليكون عظة وعبرة نسمع فيها أنا وأشقائي وباقي أفراد العائلة .
كان خالي ممدوح محط السخرية والانتقاد ,, وكنا نكرهه رغم أننا لم نراه ونحن صغار إلا في مرات معدودة عندما كان يزور منزل والدته ويغادر بعدها بأيام .
ولكن كلمات والدي وأعمامي وخوالي وهم أقرب الناس لخالي ممدوح جعلتنا نكرهه ولا نفتخر بأنه ينتمي الينا .
مرت السنوات في تلك القرية وكبرنا وتغيرت الأفكار والاهتمامات ولكن العادات والتقاليد لم تتغير .
في عام 2001 أراد ابن عمي الزواج من فتاة تقطن في نفس الحي الذي يقطنون فيه ,, ولكن عمي رفض الفكرة ووبخ أبنه أشد التوبيخ لأنه أراد الارتباط بفتاة من قبيلة أخرى ,, وتلك القبيلة على حسب مزاعم عمي لها صولات وجولات في الماضي ضد القبيلة التي ننتمي إليها .
لذلك تم إجبار أبن عمي طلال على الزواج من شقيقتي نوره رغم أنه يعتبرها بمثابة شقيقته ,, لأننا كنا نقضي مع أبناء عمومتنا أغلب أوقاتنا في منزل جدي .
وبما أن والدي يؤمن بتلك العادات والتقاليد ويجلها ويحترمها ويقدسها ,, أخبرني بأنه من الواجب علي أن أتزوج ابنة عمي عائشة ,, كرد على تزويج عمي لأبنه من أحدى بناتنا .
كان الأمر بمثابة أن يقوم بائع الخضار بشراء رغيف خبز من الخباز ,, ويقوم بعدها بلحظات الخباز بشراء خضار من بائع الخضار .
أخبرت والدي باستحالة حدوث ما يخطط له ,, لأنني ما زلت طالب في نهاية المرحلة الثانوية ,, ولأنني ثانياُ لا أنوي الزواج من عمي لأن بناته بمنزلة شقيقاتي .
كانت ردة الفعل حازمة وصارمة للغاية عندما قال والدي بأنه سوف يذهب بعد صلاة المغرب لعمي لخطبة أبنته عائشة لي ,, وأن الزواج سوف يتم بعد عام تقريباً .
من باب الاحترام والتقدير لم اشأ أن أحرج والدي مع عمي ,, خصوصاً أن عمي وافق على تزويجي أبنته ودون العودة الى أبنته وأخذ موافقتها في مسألة تزويجها مني .
بعد شهور من عقد قراني على ابنة عمي التحقت بالقطاع العسكري رغماً عني ,, لأن هذه هي رغبة والدي وفعل ما بوسعه لكي ألتحق بتلك الدورة العسكريه .
كان الجميع حانق على دخولي المجال العسكري خصوصاً أنني تخرجت من الثانوية بتقدير ممتاز وبمعدل مرتفع يكفل لي الحق بدراسة أي مجال أختاره من الطب للهندسة وغيرها من التخصصات المرغوبة .
كنت ضائع ,, كنت تائه ,, كنت حائر ,, لا أعلم ما قد يحدث لي غداُ ,, أو ما قد سوف يحدث لي بعد دقائق ,, لأن حياتي ومستقبلي مرتبطه بتصنيفات وأختيارت والدي .
لإتمام أمور زواجي من عائشة أبنة عمي وجب علي دفع المهر والمقدر ب 50 الف ريال يذهب نصفه أو الثلثين منه لعمي ,, مثل ما حدث لمهر شقيقتي نورة و الذي أنتهى معظمه في شراء والدي عدداُ من الإغنام فيه .
اقترضت مبلغ 70 الف ريال من البنك ,, ودفع والدي ما يقارب 20 الف ريال أخرى ذهبت في مصاريف الزواج .
بعد تلك المعاناة المادية ,, والظروف التي تقهر الرجال ,, تمنيت أنني حصلت على نصف ما أتمنى من ابنة العم التي كانت سبب في تواجد الهموم والمشاكل في حياتي .
كانت عنيدة ,, متكبرة ,, عملها اليومي هو معرفة ما يحدث في حياة شقيقاتها المتزوجات ,, أكبر طموحاتها أن تكون أفضل من شقيقاتها وصديقاتها ,, تكره العلم والقراءة ,, موهوبة وفنانه خبيرة في التحطيم وقتل الثقة بالنفس ,, تكره الطبخ لأنها تعتقد أن هذا عمل الخادمات فقط ,, وهي ليست بخادمة لي ,, ناهيكم عن غسيل الملابس وتنظيف الشقة وأمور أخرى .
بعد صبر دام لسنتين قررت عدم الاستمرار معها وتطليقها ,, وتم ذلك بعد أخذ وجذب ومشاكل حدثت بين عائلتي وعائلة عمي ,, تم على أثرها طلب زوجة عمي من أبنها طلال تطليق شقيقتي نوره كردة فعل على قيامي بتطليق أبنتها عائشة .
لكن أبن عمي رفض تلك الفكرة خصوصاُ أنه تأقلم مع شقيقتي وأصبح أب لأثنين من الذكور .
كرهني عمي ,, وكرهني جميع من في منزله ,, كرهني والدي في بداية الأمر ولكن مع مرور الشهور عادت الحياة لمجاريها بيني وبين والدي .
ولأن هذه الدنيا محطة عبور للآخرة ,, أنتقل والدي الى رحمة الله في العام 2004 ,,بعد ما يقارب ستة شهور من تطليقي لابنة عمي .
لم أستطع العيش في تلك القرية بعد وفاة والدي ,, ورأيت أنه من الأفضل أن أنتقل لأي مدينة أخرى أجد نفسي فيها من جديد ,, وحدث ذلك بعد أن طلبت من أحد أصدقاء الوالد مساعدتي في نقلي الى أي مدينة في المملكة ,, وتم نقلي الى المنطقة الشرقية ,, المنطقة التي يقطن فيها خالي ممدوح .
تواجدت في الشرقية ,, و التحقت بالعمل ,, وتمكنت مني الراحة النفسية في أول الأيام وشعرت بأنني مثل المولود الجديد ,, أو السجين المسرح حديثاُ من السجن .
بعد أسابيع من تواجدي في الشرقية وردني اتصال من شخص جهلته في البداية ,, ولكنني علمت فيما بعد أنه خالي ممدوح ,, والذي علم من والدتي بأنني أصبحت أعمل في نفس المنطقة التي يتواجد فيها ,, لذلك ألح علي بالذهاب الى منزله والتعرف على أبنائه .
غضبت كثيراُ على تصرف والدتي عندما أعطت ذلك الشخص الكريه رقم هاتفي وهي تعلم بأنني لا أحترمه ولا أقدره ,, والآن اصبحت مجبوراُ على الذهاب اليه والتعرف على أبناءه من زوجته الحضرية .
بعد مرور أسبوع على تلك المكالمة تواجدت أمام منزل فخم في أحدى الأحياء الراقية في المنطقة الشرقية ,, ولم أكن أصدق أن صاحب ذلك المنزل الرائع هو خالي ممدوح .
قرعت باب المنزل ,, وبعد لحظات خرج لي شاب يرتدي بدله رياضيه واستقبلني بحفاوة وبعدما عرفني بنفسه بأنه خالد أبن الي ممدوح قام بإدخالي الى داخل المنزل .
في داخل المنزل وجدت نفس الحفاوة والتقدير من خالي ممدوح وأبنه الأكبر سلطان ,, والذي علمت فيما بعد أنه يدرس الطب ,, ونفس الأمر لأبنتهم سلطانه ,, أما خالد فهو لا يزال في نهاية المرحلة الثانوية .
كانوا سعداء للغاية بتواجدي في منزلهم ,, وشعرت بذلك الأمر من خلال رؤيتي لأعينهم المتشوقة لرؤية أحد أقاربهم والتعرف عليه .
كنت أول شخص من العائلة من يدهس بقدمه منزل خالي ,, وكنت أول شخص من العائلة يتعرف عليه ابناء الخال ممدوح .
سألني خالي عن الأخبار في القرية وآخر المستجدات ,, وفوجئت أنه لم يقم بسؤالي عن أسباب تطليقي لابنة عمي ,, لأن تلك العادة موجودة لدى والدي رحمة الله عليه وكذلك لدى عمي ولدى أغلب كبار القبيلة وهو التحقيق وكثرة الأسئلة والفضول أو بمعنى أدق "اللقافة"
قمت بسؤال خالي :
أنا : خالي ما سألتني عن سبب تطليقي لبنت عمي ؟؟
خالي : ليه أسألك ؟؟
أنا : يعني ما يهمك تعرف الأسباب اللي خلتني أطلقها ؟؟
خالي : هذا شيء خاص فيك ولا يهمني أعرفه ,, أنا أهم شيء عندي أعرف أخبار أمك وكيف صحتها , وأنكم بخير وسلامه .
قلت في خاطري بعد كلمات خالي "والله من الرخامه ,, ما يهمك تأخذ علوم ولد أختك ,, هذا نهاية اللي يتحضر ويترك علوم وعادات أهله وقبيلته "
بعد ساعتين تقريباُ قال أبنه خالد : أذن المغرب يالله مشينا نصلي .
دارت هذه الكلمات في داخلي بعد كلام خالد " زين أنك تعرف الصلاة ,, لابس بنطلون وسيقانك طالعه هذا غير الفانيلة اللي مكتوب عليها كلام بالانجليزي ,, ولك وجهه تتعرض قدامنا بلبسك هذا ,, يا حيف على خالي اللي ما عرف يربيكم "
توضأت وذهبت بعدها للمسجد برفقة خالي وأبناءه سلطان وخالد الذي قام بتغيير ملابسه وأرتدى ثوب ,, وهذا ما جعلني أقول في داخلي أيضاُ " ايوه سوي نفسك محترم قدامي ,, أنا متأكد انك من نوعية الشباب اللي يصلون بسراويل رياضه وسيقانهم مكشوفة "
بعد الصلاة أردت المغادرة ,, ولكن خالي رفض ذلك وقال وهو يبتسم : وين تمشي الله يصلحك ,, عشاك اليوم عندنا ,, وبعد شوي راح يجون الضيوف ,, وش نقولهم لو سألونا وين ضيفكم ؟؟ نقول لهم أنك مشيت ؟؟
قلت بداخلي " زين أنك يا خالي متمسك بعادة أكرام الضيف ,, والله اللي يشوف سكسوكتك ولبس ولدك وسوالفكم ما يظن أنكم وجيه أكرام ضيف وغيره "
أصبحت مجبور على المكوث بعد علمي بأنهم سوف يقيمون لي وليمة عشاء .
أكملنا حديثنا ونقاشاتنا في ذلك المجلس ,, ولكنني كنت مندهش جداُ من طريقة مزح خالي مع أبناءه والتحدث معهم وكأنهم أصدقاءه وليسوا أبناءه ,, وهذا ما جعلني أغضب من تصرفات خالي ,, لأنه لم يضع خط فاصل بينه وبين أبناءه مثلما يفعل كبار السن لدينا في القرية .
بعد صلاة العشاء أتوا الضيوف ,, وكانوا جميعهم بنفس المنظر تقريباً ,, حيث تتسم ملامحهم بالمرونة والبرود ,, وليست مثل ملامح رجال القرية والتي تتسم بالقسوة والجدية .
انتقادي الوحيد في ذلك الوقت هو عدم وجود حرارة في الترحيب بالضيوف من قبل أبناء خالي ممدوح ,, وكانوا في بعض الأوقات يشعرونك بأنهم ضيوف وليسوا أصحاب الدار .
بعد تناول وجبة العشاء سمرنا في المجلس الخارجي وتحدثنا بجميع الأمور وضحكنا وكانت سهره مميزة ورائعة لم أحظى بمثلها سابقاُ .
قبل مغادرتي وركوبي للسيارة لحق بي نسيب خالي أي شقيق زوجة خالي ,, وهو يعمل في نفس القطاع العسكري الذي أعمل فيه ويدعى بخالد ورتبته العسكرية عقيد ,, وأخبرني بأنه سوف يقيم وليمة عشاء لي بعد الغد المصادف ليوم الجمعه في مزرعة العائلة في مدينة الإحساء .
رفضت تلك الدعوة ,, ولكنه ألح علي وأخبرني بأنه سوف يقيم تلك الوليمة حتى أتعرف على والده وباقي أخوته الذين يقطنون في مدينة الإحساء .
قبلت الدعوة وأنا أبتسم والدهشة لا تغادر مخليتي وسببها أنني غير مصدق أن هذا الإنسان المتواضع والمرح يحمل رتبة عقيد ,, وهذا شيء لم أعتاد عليه طوال تواجدي في الخدمة العسكرية .
بعد تلك الزيارة أرتحت كثيراُ لخالي وأبناءه ونسيبه خالد ,, رغم وجود بعض الملاحظات على خالي وأبناءه .
في يوم الجمعه انطلقت بعد صلاة العصر الى مدينة الإحساء ,, وبعد المغرب تواجدت في تلك المزرعة بعدما انتظرني أحد أشقاء العقيد خالد على مدخل مدينة الإحساء ,, وبعد وصولي للمزرعة تعجبت من الذي تراه عيناي وهو حضور أغلب الضيوف بملابسهم الرياضيه ,, ومن ضمنهم خالي وأبناءه وكذلك العقيد خالد وأشقاءه .
بعد شربي للقهوة ناداني خالي ممدوح لكي نأخذ جولة في تلك المزرعة ,, وفي تلك الجولة تناقشت مع خالي في عدة أمور كنت أجهلها ,, وبدأت تلك المناقشه بسؤالي عن سبب عدم ارتدائهم للثياب والزي الرسمي ,, فأخبرني بأنهم في هذه المزرعة يضعون الأمور الرسمية جانباُ ,, وتكون الأوضاع بسيطة وغير معقدة ,, وطلب مني عدم الاستغراب أيضاُ لأن وليمة اليوم هي عبارة عن خروف تم ذبحه ويتم الآن تقطيع لحمه حتى يصبح جاهزاُ للشواء ,, أي بمعنى أدق وليمتي عبارة عن مشاوي ,, وهذا ما دعاني للقول بغضب "وش دعوه يا خالي عازميني في مطعم ؟؟ وش حركات الرخامه ذي ,, الرجال يحلف علي قبل أمس وآخر شيء عازمني على خروف مقطع ومشوي ؟؟ مو ناقص الا يجيب ساندويتشات فلافل ويحطها مع المشاوي ويقول حياكم الله على واجب عبدالله ؟؟ "
ضحك خالي كثيراُ حتى بدأ لي وكأنه يشاهد مقطع كوميدي ,, ثم قال بعد أن تمالك نفسه " محشوم يا عبدالله ,, بالعكس العقيد يمدحك ويقول أنه سئل عنك في المكان اللي تشتغل فيه وذكروك بكل طيب ,, ووصاهم عليك وقالهم لا تقصرون مع عبدالله بشيء ,, ولو كان ما يحبك و يغليك ما كان سوا كذا ,, رغم أنه شخص ما يحب الواسطات في عمله "
أزاح كلام خالي العتب والضيق الذي كان بداخلي ,, ثم طلبت منه أن يخبرني عن قصة قدومه لهنا وما هو عمله وكيف أستطاع أن يكون كل تلك الثروة ,, وكيف أصبح أبنه طالباُ للطب وأبنته كذلك رغم أنه خرج من القريه وهو لا يعرف القراءة والكتابة .
طلب مني خالي الجلوس تحت أحد شجرات العنب في تلك المزرعة حتى يخبرني بكل التفاصيل ,, بعد الجلوس قال " أنا مثلك في البداية طلعت من القرية لأني مليت من العادات والتقاليد ,, ولأن جدك الله يرحمه كان يبي يجبرني أتزوج بنت عمي وأنا أدري أنها تحب ولد خالتها ,, وطلبت النقل للشرقيه عشان أعقد مسألة زواجي من بنت عمي ,, بعد ما جيت هنا تعرفت بالصدفه على العقيد خالد وكان وقتها ملازم ,, ولأنه أبن حلال وكل أهله مثله حبيته وحبيت القرب منه ,, وكنت أقضي أغلب أوقات فراغي في بيتهم وفي مزرعتهم القديمه ,, وفي احد الأيام طلبت منهم يد بنتهم اللي هي أم خالد وقالوا حنا نشتري الرجال وموافقين إذا البنت وافقت ,, والحمدلله البنت وافقت وتزوجتها رغم الفرق بيني وبينها ,, أنا بدوي وهي حضريه ,, أنا ما اعرف اقرا وأكتب وأشتغل جندي أول في الحراسات وهي مدرسه ,, وبعد زواجي منها حبيتها مثل حبي لأهلها وأكثر ,, وكانت دايم تلح علي أني أدرس وأكمل دراسة ,, وفعلاُ درست حتى أخذت الأبتدائية ليلي ,, وفي ذيك الفترة كنت أشتري الشاحنات وأوردها من ألمانيا لهنا ,, حتى تعلمت اللغة الانجليزية بسبب كثرة السفرات للخارج ,, وبيني وبينك عيالي والبنت أمهم اللي ربتهم ,, لأني كنت مشغول بتجارتي ,, وكانوا في كل نهاية أسبوع يجون لبيت جدهم هنا في الاحساء وكان خوالهم يدعمونهم وحريصين على دراستهم ,, وأكثر شخص كان يدعمهم هو خالهم ماجد المعروف في الشرقية بأنه من أفضل الأطباء والاستشاريين ,, وبنتي ريم كانت تدعمها خالتها جواهر اللي تشتغل دكتورة في احد مستشفيات الشرقية وساكنه عند أخوها العقيد خالد ,, وأنا يا ولد أختي رميت العصبيه القبلية وراي ,, ورميت أغلب عادات وتقاليد القرية وراي ,, وأنا عارف يا عبدالله أن عندك انتقادات كثير لي بعد زيارتك لبيتي قبل يومين ,, إلا أني متأكد أن وجودك في هذي المنطقه واحتكاكك مع أهلها وناسها راح يغير فكرك بالتدريج ,, حاول تستفيد يا عبدالله ,, ولا يهمك كلام الناس وأيش راح يقولوه عنك في القرية ,, لأن ما ضيع الناس إلا كلام الناس "
كان حديث خالي بمثابة الباب اللي فتح عقلي على عدة أمور ,, وجعلني أتصارع فكرياُ مع نفسي ,, لأن الذي تم زرعه بداخلي من قبل الاهل والأقارب وسكان القرية ,, صعب علي نسيانه أو تغييره خلال يوم أو عدة أسابيع .
توالت الأيام والأسابيع والشهور ,, وحبي لخالي وأبناءه وأهل زوجته يزداد ويكبر بداخلي ,, وأصبحت مزرعة الإحساء ملاذي في نهاية كل أسبوع .
حتى أتى ذلك اليوم ,, والذي كان فيه العقيد خالد يتحدى أبناءه المراهقين وأشقاءه على التصويب من خلال بندقية ذات طلقات بلاستيكيه صنعت للتدريب والتعليم فقط .
كان العقيد خالد متميز جداُ بالتصويب ,, وكان يكسب التحديات مع الجميع ,, كان الأفضل والأمهر حتى وضعه القدر في مواجهتي بعد طلب من شقيقه الأكبر الدكتور ماجد .
في البداية رفضت التحدي ,, ولكن بعد قول العقيد خالد "هذا باين أنه غشيم ,, ولو نخلي قدامه بطيخه ما راح يصيبها ,, كيف تتوقعون انه يصوب على علبة بيبسي"
استفزني حديثه ,, وأخذت البندقية منه وتمركزت جيداُ وصوبت على علبة البيبسي واستطعت النيل منها .
بعدها زادت التحديات بيني وبين العقيد خالد ,, وكسبت جميع التحديات بينما خسر هو بعضاً منها ,, مما جعل الجميع يقفون بصفي ويتحمسون معي ويساندوني .
في النهاية طلب مني التحدي على التصويب على غطاء معدني لعلبة بيبسي ,, قبلت ذلك التحدي ولكن بشرط وهو " تزويجي من شقيقته الدكتورة "
بالطبع كنت أمزح حينها ,, وهذا ما جعل الجميع يضحك بشرهه ,, ما عادا العقيد خالد الذي كان جدي وقال " خلاص تم ,, إذا كسبت التحدي أنا بخطبها لك ,, وإذا وافقت عليك مهرها علي ,, ولكن عليك الشقه ,, وأشهدوا يالحاضرين على اللي أقوله"
لم أستوعب في البداية ما قاله لأنني لم أتوقع 1% أن يؤخذ كلامي على محمل الجد من العقيد خالد ,, ولكن بعدما سنحت لي الفرصه لماذا أضيعها ,, خصوصاً أنني لم أنسى نصيحة خالي ممدوح لي باغتنام الفرص ,, خالي ممدوح الذي كان سعيد جداُ بعد ذلك التحدي ويغمز لي بعينه ,, وكأن لسان حاله يقول " هذي هي فرصتك يا ولد أختي "
بدأ التحدي بيني وبين العقيد خالد ,, صوب العقيد خالد على الغطاء المعدني لعلبة البيبسي وفشل في اصابة الهدف ,, وعندما أتى دوري رفعت ثوبي ووضعت أطرافه في فمي ,, واستلقيت على الأرض ,, وأغمضت عيني وفعلت مثلما كنت أفعل عندما كنت صغير وأتلقى تعليم الرماية على يد والدي رحمة الله عليه ,, صوبت على الهدف ,, وبحمدلله تمكنت من إصابة ذلك الغطاء وأزاحته من مكانه .
تفاجأ الجميع من كسبي للرهان ,, وصمت الجميع لبرهة ,, وبعدها قال الاستشاري ماجد " مبروك يا عبدالله ,, باقي بس موافقة أختي جواهر ,, وأنت يا خالد خليك عند وعدك وزوج الرجال إذا البنت وافقت"
العقيد خالد : وأنا عند وعدي يا ماجد ,, بكرة بعد المغرب حياك الله يا عبدالله في بيت الوالد عشان الشوفه الشرعية .
أنا : أنا موافق على البنت وقابل فيها مهما كانت ,, وما أبي أشوف شوفه شرعيه ,, لأنه عيب عندنا ,, وأنا ما أبي هذا الشيء .
العقيد خالد : عيب ؟؟ من قال أنها عيب ههههههه شكلك تمزح ,, قول أنك خايف ترفضك ,, بعدين الشوفه الشرعية هذي للبنت مثل ما هي للولد ,, يعني مو بس أنت اللي تشوفها ,, حتى هي من حقها تشوفك وتسألك كم سؤال .
أنا : أممممممم ,, صحيح أن هذا الشيء مو من عاداتنا وتقاليدنا ,, بس خلاص وأمري لله .
العقيد خالد : عاداتكم وتقاليدكم ؟؟ هذا شرع الله يا عبدالله ,, وبكره موعدنا على بركة الله بعد صلاة المغرب ,, ومن الحين أقولك أن الله وحده يعلم أني أتشرف أن واحد مثلك يناسبنا ,, لأن قلبك طيب ومعروف بالرجولة والأخلاق الحميدة ,, عشان كذا إذا لا سمح الله ما وافقت أختي عليك لا تظن أني أنا حرضتها عليك وطلبت منها ترفضك .
أنا : افاا عليك يابو راشد ,, أنا واثق فيك ,, وما عليك زود باللي قلته عني ,, والشرف لي وأنا أخوك .
أنتهى يومي في تلك المزرعة ,, وعدت في ذلك المساء الى مدينة الخبر ,, وكانت السعادة تغمرني ويتضح ذلك من الابتسامة المزروعة على محياي طوال ذلك الوقت .
قبل خلودي للنوم دارت في مخيلتي هذه الاستفسارات "الحين من جدي أنا يوم أفكر أن وحده دكتورة بتوافق على الزواج من واحد جندي أول مثلي ,, بنت إخوانها تجار ودكاترة وضباط بتوافق على جندي راتبه ما يجي ربع راتبها ,, ما فيه بيني وبينها توافق فكري ولا مادي ولا حتى توافق من حيث العادات والتقاليد ,, بالله كيف راح تقبل فيني ,, حتى وجهي يجيب الهم ,, والدخان لاعب فيني لعب ,, هي أحد احتمالين أما أنا بنتهم شينه ويبون يورطوني فيها ,, أو أن بنتهم راح ترفضني وهذا الاحتمال الأقرب ,, خلني أنسى الفكرة وأعتذر بكرة من أخوها أحسن من أني أروح مشوار للإحساء وآخر شيء تفشلني وتحطمني "
قررت بعد ذلك النقاش والصراع النفسي الغاء موعدي مع شقيقها خالد .
بعد صلاة العشاء أتوا الضيوف ,, وكانوا جميعهم بنفس المنظر تقريباً ,, حيث تتسم ملامحهم بالمرونة والبرود ,, وليست مثل ملامح رجال القرية والتي تتسم بالقسوة والجدية .
انتقادي الوحيد في ذلك الوقت هو عدم وجود حرارة في الترحيب بالضيوف من قبل أبناء خالي ممدوح ,, وكانوا في بعض الأوقات يشعرونك بأنهم ضيوف وليسوا أصحاب الدار .
بعد تناول وجبة العشاء سمرنا في المجلس الخارجي وتحدثنا بجميع الأمور وضحكنا وكانت سهره مميزة ورائعة لم أحظى بمثلها سابقاُ .
قبل مغادرتي وركوبي للسيارة لحق بي نسيب خالي أي شقيق زوجة خالي ,, وهو يعمل في نفس القطاع العسكري الذي أعمل فيه ويدعى بخالد ورتبته العسكرية عقيد ,, وأخبرني بأنه سوف يقيم وليمة عشاء لي بعد الغد المصادف ليوم الجمعه في مزرعة العائلة في مدينة الإحساء .
رفضت تلك الدعوة ,, ولكنه ألح علي وأخبرني بأنه سوف يقيم تلك الوليمة حتى أتعرف على والده وباقي أخوته الذين يقطنون في مدينة الإحساء .
قبلت الدعوة وأنا أبتسم والدهشة لا تغادر مخليتي وسببها أنني غير مصدق أن هذا الإنسان المتواضع والمرح يحمل رتبة عقيد ,, وهذا شيء لم أعتاد عليه طوال تواجدي في الخدمة العسكرية .
بعد تلك الزيارة أرتحت كثيراُ لخالي وأبناءه ونسيبه خالد ,, رغم وجود بعض الملاحظات على خالي وأبناءه .
في يوم الجمعه انطلقت بعد صلاة العصر الى مدينة الإحساء ,, وبعد المغرب تواجدت في تلك المزرعة بعدما انتظرني أحد أشقاء العقيد خالد على مدخل مدينة الإحساء ,, وبعد وصولي للمزرعة تعجبت من الذي تراه عيناي وهو حضور أغلب الضيوف بملابسهم الرياضيه ,, ومن ضمنهم خالي وأبناءه وكذلك العقيد خالد وأشقاءه .
بعد شربي للقهوة ناداني خالي ممدوح لكي نأخذ جولة في تلك المزرعة ,, وفي تلك الجولة تناقشت مع خالي في عدة أمور كنت أجهلها ,, وبدأت تلك المناقشه بسؤالي عن سبب عدم ارتدائهم للثياب والزي الرسمي ,, فأخبرني بأنهم في هذه المزرعة يضعون الأمور الرسمية جانباُ ,, وتكون الأوضاع بسيطة وغير معقدة ,, وطلب مني عدم الاستغراب أيضاُ لأن وليمة اليوم هي عبارة عن خروف تم ذبحه ويتم الآن تقطيع لحمه حتى يصبح جاهزاُ للشواء ,, أي بمعنى أدق وليمتي عبارة عن مشاوي ,, وهذا ما دعاني للقول بغضب "وش دعوه يا خالي عازميني في مطعم ؟؟ وش حركات الرخامه ذي ,, الرجال يحلف علي قبل أمس وآخر شيء عازمني على خروف مقطع ومشوي ؟؟ مو ناقص الا يجيب ساندويتشات فلافل ويحطها مع المشاوي ويقول حياكم الله على واجب عبدالله ؟؟ "
ضحك خالي كثيراُ حتى بدأ لي وكأنه يشاهد مقطع كوميدي ,, ثم قال بعد أن تمالك نفسه " محشوم يا عبدالله ,, بالعكس العقيد يمدحك ويقول أنه سئل عنك في المكان اللي تشتغل فيه وذكروك بكل طيب ,, ووصاهم عليك وقالهم لا تقصرون مع عبدالله بشيء ,, ولو كان ما يحبك و يغليك ما كان سوا كذا ,, رغم أنه شخص ما يحب الواسطات في عمله "
أزاح كلام خالي العتب والضيق الذي كان بداخلي ,, ثم طلبت منه أن يخبرني عن قصة قدومه لهنا وما هو عمله وكيف أستطاع أن يكون كل تلك الثروة ,, وكيف أصبح أبنه طالباُ للطب وأبنته كذلك رغم أنه خرج من القريه وهو لا يعرف القراءة والكتابة .
طلب مني خالي الجلوس تحت أحد شجرات العنب في تلك المزرعة حتى يخبرني بكل التفاصيل ,, بعد الجلوس قال " أنا مثلك في البداية طلعت من القرية لأني مليت من العادات والتقاليد ,, ولأن جدك الله يرحمه كان يبي يجبرني أتزوج بنت عمي وأنا أدري أنها تحب ولد خالتها ,, وطلبت النقل للشرقيه عشان أعقد مسألة زواجي من بنت عمي ,, بعد ما جيت هنا تعرفت بالصدفه على العقيد خالد وكان وقتها ملازم ,, ولأنه أبن حلال وكل أهله مثله حبيته وحبيت القرب منه ,, وكنت أقضي أغلب أوقات فراغي في بيتهم وفي مزرعتهم القديمه ,, وفي احد الأيام طلبت منهم يد بنتهم اللي هي أم خالد وقالوا حنا نشتري الرجال وموافقين إذا البنت وافقت ,, والحمدلله البنت وافقت وتزوجتها رغم الفرق بيني وبينها ,, أنا بدوي وهي حضريه ,, أنا ما اعرف اقرا وأكتب وأشتغل جندي أول في الحراسات وهي مدرسه ,, وبعد زواجي منها حبيتها مثل حبي لأهلها وأكثر ,, وكانت دايم تلح علي أني أدرس وأكمل دراسة ,, وفعلاُ درست حتى أخذت الأبتدائية ليلي ,, وفي ذيك الفترة كنت أشتري الشاحنات وأوردها من ألمانيا لهنا ,, حتى تعلمت اللغة الانجليزية بسبب كثرة السفرات للخارج ,, وبيني وبينك عيالي والبنت أمهم اللي ربتهم ,, لأني كنت مشغول بتجارتي ,, وكانوا في كل نهاية أسبوع يجون لبيت جدهم هنا في الاحساء وكان خوالهم يدعمونهم وحريصين على دراستهم ,, وأكثر شخص كان يدعمهم هو خالهم ماجد المعروف في الشرقية بأنه من أفضل الأطباء والاستشاريين ,, وبنتي ريم كانت تدعمها خالتها جواهر اللي تشتغل دكتورة في احد مستشفيات الشرقية وساكنه عند أخوها العقيد خالد ,, وأنا يا ولد أختي رميت العصبيه القبلية وراي ,, ورميت أغلب عادات وتقاليد القرية وراي ,, وأنا عارف يا عبدالله أن عندك انتقادات كثير لي بعد زيارتك لبيتي قبل يومين ,, إلا أني متأكد أن وجودك في هذي المنطقه واحتكاكك مع أهلها وناسها راح يغير فكرك بالتدريج ,, حاول تستفيد يا عبدالله ,, ولا يهمك كلام الناس وأيش راح يقولوه عنك في القرية ,, لأن ما ضيع الناس إلا كلام الناس "
كان حديث خالي بمثابة الباب اللي فتح عقلي على عدة أمور ,, وجعلني أتصارع فكرياُ مع نفسي ,, لأن الذي تم زرعه بداخلي من قبل الاهل والأقارب وسكان القرية ,, صعب علي نسيانه أو تغييره خلال يوم أو عدة أسابيع .
توالت الأيام والأسابيع والشهور ,, وحبي لخالي وأبناءه وأهل زوجته يزداد ويكبر بداخلي ,, وأصبحت مزرعة الإحساء ملاذي في نهاية كل أسبوع .
حتى أتى ذلك اليوم ,, والذي كان فيه العقيد خالد يتحدى أبناءه المراهقين وأشقاءه على التصويب من خلال بندقية ذات طلقات بلاستيكيه صنعت للتدريب والتعليم فقط .
كان العقيد خالد متميز جداُ بالتصويب ,, وكان يكسب التحديات مع الجميع ,, كان الأفضل والأمهر حتى وضعه القدر في مواجهتي بعد طلب من شقيقه الأكبر الدكتور ماجد .
في البداية رفضت التحدي ,, ولكن بعد قول العقيد خالد "هذا باين أنه غشيم ,, ولو نخلي قدامه بطيخه ما راح يصيبها ,, كيف تتوقعون انه يصوب على علبة بيبسي"
استفزني حديثه ,, وأخذت البندقية منه وتمركزت جيداُ وصوبت على علبة البيبسي واستطعت النيل منها .
بعدها زادت التحديات بيني وبين العقيد خالد ,, وكسبت جميع التحديات بينما خسر هو بعضاً منها ,, مما جعل الجميع يقفون بصفي ويتحمسون معي ويساندوني .
في النهاية طلب مني التحدي على التصويب على غطاء معدني لعلبة بيبسي ,, قبلت ذلك التحدي ولكن بشرط وهو " تزويجي من شقيقته الدكتورة "
بالطبع كنت أمزح حينها ,, وهذا ما جعل الجميع يضحك بشرهه ,, ما عادا العقيد خالد الذي كان جدي وقال " خلاص تم ,, إذا كسبت التحدي أنا بخطبها لك ,, وإذا وافقت عليك مهرها علي ,, ولكن عليك الشقه ,, وأشهدوا يالحاضرين على اللي أقوله"
لم أستوعب في البداية ما قاله لأنني لم أتوقع 1% أن يؤخذ كلامي على محمل الجد من العقيد خالد ,, ولكن بعدما سنحت لي الفرصه لماذا أضيعها ,, خصوصاً أنني لم أنسى نصيحة خالي ممدوح لي باغتنام الفرص ,, خالي ممدوح الذي كان سعيد جداُ بعد ذلك التحدي ويغمز لي بعينه ,, وكأن لسان حاله يقول " هذي هي فرصتك يا ولد أختي "
بدأ التحدي بيني وبين العقيد خالد ,, صوب العقيد خالد على الغطاء المعدني لعلبة البيبسي وفشل في اصابة الهدف ,, وعندما أتى دوري رفعت ثوبي ووضعت أطرافه في فمي ,, واستلقيت على الأرض ,, وأغمضت عيني وفعلت مثلما كنت أفعل عندما كنت صغير وأتلقى تعليم الرماية على يد والدي رحمة الله عليه ,, صوبت على الهدف ,, وبحمدلله تمكنت من إصابة ذلك الغطاء وأزاحته من مكانه .
تفاجأ الجميع من كسبي للرهان ,, وصمت الجميع لبرهة ,, وبعدها قال الاستشاري ماجد " مبروك يا عبدالله ,, باقي بس موافقة أختي جواهر ,, وأنت يا خالد خليك عند وعدك وزوج الرجال إذا البنت وافقت"
العقيد خالد : وأنا عند وعدي يا ماجد ,, بكرة بعد المغرب حياك الله يا عبدالله في بيت الوالد عشان الشوفه الشرعية .
أنا : أنا موافق على البنت وقابل فيها مهما كانت ,, وما أبي أشوف شوفه شرعيه ,, لأنه عيب عندنا ,, وأنا ما أبي هذا الشيء .
العقيد خالد : عيب ؟؟ من قال أنها عيب ههههههه شكلك تمزح ,, قول أنك خايف ترفضك ,, بعدين الشوفه الشرعية هذي للبنت مثل ما هي للولد ,, يعني مو بس أنت اللي تشوفها ,, حتى هي من حقها تشوفك وتسألك كم سؤال .
أنا : أممممممم ,, صحيح أن هذا الشيء مو من عاداتنا وتقاليدنا ,, بس خلاص وأمري لله .
العقيد خالد : عاداتكم وتقاليدكم ؟؟ هذا شرع الله يا عبدالله ,, وبكره موعدنا على بركة الله بعد صلاة المغرب ,, ومن الحين أقولك أن الله وحده يعلم أني أتشرف أن واحد مثلك يناسبنا ,, لأن قلبك طيب ومعروف بالرجولة والأخلاق الحميدة ,, عشان كذا إذا لا سمح الله ما وافقت أختي عليك لا تظن أني أنا حرضتها عليك وطلبت منها ترفضك .
أنا : افاا عليك يابو راشد ,, أنا واثق فيك ,, وما عليك زود باللي قلته عني ,, والشرف لي وأنا أخوك .
أنتهى يومي في تلك المزرعة ,, وعدت في ذلك المساء الى مدينة الخبر ,, وكانت السعادة تغمرني ويتضح ذلك من الابتسامة المزروعة على محياي طوال ذلك الوقت .
قبل خلودي للنوم دارت في مخيلتي هذه الاستفسارات "الحين من جدي أنا يوم أفكر أن وحده دكتورة بتوافق على الزواج من واحد جندي أول مثلي ,, بنت إخوانها تجار ودكاترة وضباط بتوافق على جندي راتبه ما يجي ربع راتبها ,, ما فيه بيني وبينها توافق فكري ولا مادي ولا حتى توافق من حيث العادات والتقاليد ,, بالله كيف راح تقبل فيني ,, حتى وجهي يجيب الهم ,, والدخان لاعب فيني لعب ,, هي أحد احتمالين أما أنا بنتهم شينه ويبون يورطوني فيها ,, أو أن بنتهم راح ترفضني وهذا الاحتمال الأقرب ,, خلني أنسى الفكرة وأعتذر بكرة من أخوها أحسن من أني أروح مشوار للإحساء وآخر شيء تفشلني وتحطمني "
قررت بعد ذلك النقاش والصراع النفسي الغاء موعدي مع شقيقها خالد .
في ظهر يوم السبت تحدثت مع العقيد خالد وأخبرته بأنني أعتذر بسبب عدم رغبتي للتقدم من شقيقته ,, فكان جوابه "افااا يا عبدالله ,, ما تبي تناسبنا لأنك تعتقد أنك أحسن مننا وأن حنا حضر وما نشرفك ,, على العموم أنا عند وعدي ,, ومتى ما حبيت تجي تشوف شوفة شرعيه حياك الله "
دارت كلماته في داخلي كثيراُ ,, وجعلتني أتندم على الغاء الارتباط بشقيقته ,, لم أتناول غدائي في ذلك اليوم ,, ضقت ذراعاُ من تصرفي ,, حتى قيامي بعد صلاة المغرب للاستخارة ,, وبعد الاستخارة عادت رغبتي بالتقدم لجواهر ,, وقمت بالاتصال على العقيد خالد وأخبرته بأنني قادم اليهم للتقدم لشقيقته ولرؤيتها شرعياُ .
وصلت اليهم للإحساء بعد صلاة العشاء بنصف ساعة ,, صليت العشاء ,, ثم تواجدت في مجلس والد خالد ,, وطلبت أبنته جواهر من أبيها ,, والذي كان على علم من أبنه خالد بما حدث في مساء الأمس في مزرعته .
وبعد دقائق ذهب خالد الى داخل المنزل ,, وعاد وبجانبه فتاة شاهدتها لمدة ثواني معدودة ولم أستطع رفع عيني لمشاهدتها جمالها الأخاذ مرة أخرى .
جلست بالقرب مني ,, وكنت أنا الخجول وليس هي ,, وذلك لأنني لم أتحدث معها أو أنظر اليها بعد مرور ما يقارب الدقيقة منذ جلوسها بالقرب مني .
قال شقيقها خالد الذي ضاق ذراعاُ من ردة فعلي "هذي البنت جنبك يا عبدالله شوفها ,, وإذا عندك سؤال لها أسألها قبل لا تمشي "
أنا "ما زال وجهي متجه للأسفل وأتحدث باستحياء " : خلاص شفتها وما يحتاج اشوفها مره ثانية ,, ما شاء الله عليها والله لا يضرها "
خالد : هذا هو عبدالله يا جواهر اللي تحديته أمس وفاز بالتحدي ,, أنا أسف يا أختي على التحدي ولكن ما تدرين يمكن ربي كاتب هذا الشيء ,, وعلى العموم الاختيار بيدك ,, وهذا هو قدامك إذا عندك سؤال اسأليه .
جواهر : والله والنعم فيه ,, وأنا عندي له سؤالين ,, الأول وش معاه شهاده ؟؟
أنا : معاي الشهادة الثانوية .
جواهر : ليه ما كملت دراسة طيب ,, لو حتى أنتساب ؟؟
أنا : امممم ,, كان حلمي من زمان أني أدرس بالجامعه ولكن أبوي الله يرحمه أجبرني على العسكريه ,, ومن بعد ما توظفت في العسكريه شفت أن دخولي للجامعة شيء ماله قيمه أو فايده
جواهر : طيب السؤال الثاني ,, أنت تدخن ؟؟
أنا : أمممم نعم ,, أنا أدخن .
جواهر : طيب تقدر تترك التدخين ؟؟
أنا : أكيد أقدر وبإذن الله أنا بتركه بأقرب فرصة
جواهر : طيب أنت تدري أني أنا أكشف وجهي بالمستشفى ؟؟
أنا : لا ما أدري ,, ولو كنت أدري ما كان جيت هنا ولا شفتك
جواهر : ليه ؟؟
أنا : لأني ما أرضى أن أحد يشوف زوجتي ؟؟
جواهر : طيب زميلاتي المتزوجات أغلبهم يكشفون .
أنا : هذي مشكلتهم ,, بس أنا لأني أحب زوجتي ما أرضى عليها الغلط والحرام ,, أما لو كنت ما أحبها بخليها تسوي اللي تبيه لو حتى تحرق نفسها أنا ما عندي مشكله .
بعد كلامي الأخير نهضت جواهر وقالت : يالله مع السلامة ,, والله يكتب اللي فيه الخير .
أحسست بأنها تضايقت جداُ من كلامي بخصوص موضوع كشف الوجه ,, لذلك أصبت بالإحباط وغادرت منزلهم على الفور بعد مغادرة جواهر بدقائق معدودة .
بعد خروجي من منزلهم بربع ساعة ,, وقبل انطلاقي عائداُ الى المنطقة الشرقية ,, وصلني اتصال من العقيد خالد طالباُ مني العودة لمنزلهم لأمر هام .
عدت أدراجي بسرعة لمنزلهم ,, وبعد وصولي تفاجئت بأن خالد ووالده يباركون لي ,, ويقولون أن أبنتهم وافقت علي ,, وهي لمست من خلال حديثها معي الصدق والغيرة والرجولة ,, وهي موافقة على عدم كشف وجهها في العمل بعد الآن ,, وطلبها الوحيد هو أن أترك التدخين بشكل نهائي .
في ذلك المساء جرت الأمور بشكل سريع ,, حيث تواجد الشيخ وعاقد الانكحه في منزلهم ,, وتواجد أثنين من أبناء الجيران كشهود على عقد الزواج ,, وتمت إجراءات عقد القران بحمد الله وفضله .
في نهاية الأسبوع كان هناك حفل مبسط بمناسبة عقد القران ,, حضر فيه أقاربهم ,, بينما لم يحضر من أقاربي سوى خالي ممدوح وعائلته ,, بينما رفض أشقائي الحضور من القريه بعدما قمت بدعوتهم وقال لي شقيقي الأكبر بأنهم نسوا أنه لديهم شقيق مثلما نسوا أن لديهم خال ,, بينما أكتفت والدتي بالمباركة لي عن طريق الهاتف .
حددنا موعد الزواج وكان بعد عقد القران بشهرين ,, وقام خالي ممدوح على الفور بحجز أحدى قاعات الزواج في مدينة الاحساء كهدية بسيطة يقدمها لي .
بينما قمت أنا باستئجار شقة صغيرة في مدينة الخبر ,, قريبه من مقر عملي ,, وقريب كذلك من المستشفى الذي تعمل فيه جواهر .
وضعت في مجلس الرجال في تلك الشقة أشيائي التي لا أستغني عنها وهي " دلالي ومعاميل القهوة " ,, وذهبت الى سوق الحراج وقمت بتأثيث الشقة بأرخص الاسعار .
كانت الضائقة المادية والديون المتراكمة علي هي سبب تقشفي في تلك الفترة ,, وهي من منعني من شراء أجهزة كهربائية جديدة للشقة .
طلب مني العقيد خالد مفتاح الشقة لكي يضعوا فيها ملابس شقيقتهم جواهر ,, وقمت على الفور بأعطاءه ذلك المفتاح .
الغريب في الأمر أنني بعد يومين من أعطائي للعقيد خالد مفتاح الشقة كنت أشاهد عند ذهابي للعمل ومروري بالقرب من الشقه وجود شاحنات للأثاث ,, وفي احد الايام شاهدت شاحنه فيها العديد من الاجهزة الكهربائية ,, عرفت منها المكيفات والثلاجة والغسالة فقط ,, أما باقي الاجهزة لم أعرف أي شيء منها .
بعد أسبوعين ذهبت للشقة لكي أتفقدها ,, وكدت أجن من الذي شاهدته فيها ,, أصبحت مختلفة كلياُ عن الشقة التي استأجرتها ,, وذكرتني بالشقق الفخمة التي أشاهدها في الافلام الاجنبيه .
ولا أنسى أنني وجدت الدلال ومعاميل القهوة في كرتون تحت الدرج .
سألت العقيد خالد عن الذي أحدثه في الشقه وعاتبته كثيراُ على الكلفه ,, فأخبرني بأن جميع ما في الشقة هو هديه من والده ,, ومن شقيقه الاستشاري ماجد وشقيقاته ووالدته .
سألته بعدها عن الاثاث القديم والأجهزة التي اشتريتها ,, فأخبرني بأنهم تبرعوا فيها للجمعية الخيرية .
لم أستطع التحدث بعدها والتعبير عن شكري وتقديري لما قاموا فيه ,, لأن الذي بداخلي كان من الصعب وصفه أو شرحه .
تم الزواج بحمدالله وبركته ,, وأنا الآن أحدثك ياصديقي عقيل بعد مرور خمس سنوات على زواجي من الدكتورة جواهر ,, وأود أخبارك بالتغيير الذي حدث في حياتي بعد زواجي من جواهر :
تركت التدخين بعد مرور ست أشهر من الزواج ,, وقمت بإصلاح جميع اسناني ,, والتحقت بالجامعه بعد زواجي بشهور عن طريق الانتساب ,, وكانت زوجتي تساعدني وتحفزني على الحصول على البكالوريس ومن ثم على الماجستير حتى نصبح نحمل نفس المستوى العلمي ,, انتهيت مؤخراُ من الحصول على شهادة البكالوريوس في الموارد البشرية ,, والآن أنا أجهز لدراسة الماجستير في نفس التخصص ,, وأود أن أضيف لك في النهاية أنني تركت القطاع العسكري والتحقت في احدى الشركات الكبرى .
كنت أتعب نفسياُ عندما أقارن بين عاداتنا وتقاليدنا في القرية وبين العادات والتقاليد هنا .
كنت أتعب نفسياُ عندما أقارن بين طريقة الزواج لدينا وطريقة الزواج لديهم ,, وبين تكلفة الزواج لدينا وبين تكلفة الزواج لديهم ,, إذ زيجاتهم بالكامل لا تتجاوز ال50 الف ريال ,, بينما هذا المبلغ عندنا يذهب كمهر فقط للزوجه .
كنت أتضايق عندما أقارن بين ابنة عمي وطليقتي عائشة هداها الله ,, وبين الدكتورة جواهر والتي رغم وظيفتها المرموقة إلا انها انسانه عاديه جداُ في المنزل " تطبخ ,, تغسل ,, تربي ,, تصل رحمها ,, تثقف نفسها ,, تطمح لأن تصبح استشارية مثل أخيها ماجد"
كنت أتعب نفسياُ عندما أقارن بين تمسكهم بالعادات الايجابية فقط ,, وحرصهم على التطور والتقدم ,, وبين تقديسنا للعادات والتقاليد ,, وكرهنا للتطور والتمدن واعتبارنا أن من ينتقد تلك العادات والتقاليد ليس إلا "رخمه ,, علماني ,, ماهو رجال"
يا صديقي عقيل أنا ما قلت لك قصتي إلا عشان يستفيد منها المتمسكين بالعادات والتقاليد والمحاربين للتطور والتغير لما هو أفضل ,, لأن البعض منهم يعتقد بمجرد أنه أمتلك بيت فخم وسيارة فارهه وأحدث الاجهزة الالكترونية اصبح متطور ومتحضر وأفضل الخلق ,, ولو رحت تخطب من عنده وقلت له بشوف أختك قال لك "وش تقول ؟؟ مو عيب عليك تبي تشوف أختي ,, صحيح أن الزمن تغير بس حنا ما نترك علوم وعادات أبائنا وأجدادنا "
ربي ميز الإنسان يا عقيل عن سائر المخلوقات بالعقل ,, ولكن لما ما يستخدم الأنسان عقله وش يفرق بينه وبين البهائم ؟؟
العقل نعمه عشان نعرف الصح والخطاء ,, والعقل وظيفته يحلل الأمور ويفكر فيها ,, ومو وظيفته الوحيدة أنه يحفظ كلام وعادات القدامى .
كلنا نحب إبائنا وأجدادنا ,, ومحد فينا يرضى أنه يقول أنهم كانوا على خطاء ,, ولكن ليه ننكر أن فيه بعض العادات اللي أخذناها منهم خطاء ؟؟ ومن ضمن العادات الفكرية اللي اخذناها منهم هي العنصرية القبلية .
الاحتكاك بجميع شرائح المجتمع والجنسيات الأخرى شيء ايجابي وما عمره كان سلبي ,, ولكن المصيبة تكمن لما يكون الشخص منعزل في قريته ويرفض الاحتكاك مع المدن والقرى الاخرى لأنه سمع عن أهلها أنهم سيئين ,, والكلام هذا أخذه من ابوه ,, وأبوه أخذه من جده ,, وجده أخذه من جده ,, وجد جده قام بتأليف الكلام بسبب موقف صار له مع احد تلك القبائل في احدى تلك القرى .
إذا ما أخذت الفائدة لنفسك يا عقيل ,, لا تنتظر أنها راح تجيك على طبق من ذهب ,, حاول تغير السلبيات ,, وتصنع الايجابيات ,, حاول تتطور ,, وحاول تتماسك بعقيدتك الدينية ,, ولا تشكك فيها أبداُ ,, عقيدتك الدينية فقط ,, وليس عقيدتك الاجتماعية المتولدة من رحم العادات والتقاليد .
دارت كلماته في داخلي كثيراُ ,, وجعلتني أتندم على الغاء الارتباط بشقيقته ,, لم أتناول غدائي في ذلك اليوم ,, ضقت ذراعاُ من تصرفي ,, حتى قيامي بعد صلاة المغرب للاستخارة ,, وبعد الاستخارة عادت رغبتي بالتقدم لجواهر ,, وقمت بالاتصال على العقيد خالد وأخبرته بأنني قادم اليهم للتقدم لشقيقته ولرؤيتها شرعياُ .
وصلت اليهم للإحساء بعد صلاة العشاء بنصف ساعة ,, صليت العشاء ,, ثم تواجدت في مجلس والد خالد ,, وطلبت أبنته جواهر من أبيها ,, والذي كان على علم من أبنه خالد بما حدث في مساء الأمس في مزرعته .
وبعد دقائق ذهب خالد الى داخل المنزل ,, وعاد وبجانبه فتاة شاهدتها لمدة ثواني معدودة ولم أستطع رفع عيني لمشاهدتها جمالها الأخاذ مرة أخرى .
جلست بالقرب مني ,, وكنت أنا الخجول وليس هي ,, وذلك لأنني لم أتحدث معها أو أنظر اليها بعد مرور ما يقارب الدقيقة منذ جلوسها بالقرب مني .
قال شقيقها خالد الذي ضاق ذراعاُ من ردة فعلي "هذي البنت جنبك يا عبدالله شوفها ,, وإذا عندك سؤال لها أسألها قبل لا تمشي "
أنا "ما زال وجهي متجه للأسفل وأتحدث باستحياء " : خلاص شفتها وما يحتاج اشوفها مره ثانية ,, ما شاء الله عليها والله لا يضرها "
خالد : هذا هو عبدالله يا جواهر اللي تحديته أمس وفاز بالتحدي ,, أنا أسف يا أختي على التحدي ولكن ما تدرين يمكن ربي كاتب هذا الشيء ,, وعلى العموم الاختيار بيدك ,, وهذا هو قدامك إذا عندك سؤال اسأليه .
جواهر : والله والنعم فيه ,, وأنا عندي له سؤالين ,, الأول وش معاه شهاده ؟؟
أنا : معاي الشهادة الثانوية .
جواهر : ليه ما كملت دراسة طيب ,, لو حتى أنتساب ؟؟
أنا : امممم ,, كان حلمي من زمان أني أدرس بالجامعه ولكن أبوي الله يرحمه أجبرني على العسكريه ,, ومن بعد ما توظفت في العسكريه شفت أن دخولي للجامعة شيء ماله قيمه أو فايده
جواهر : طيب السؤال الثاني ,, أنت تدخن ؟؟
أنا : أمممم نعم ,, أنا أدخن .
جواهر : طيب تقدر تترك التدخين ؟؟
أنا : أكيد أقدر وبإذن الله أنا بتركه بأقرب فرصة
جواهر : طيب أنت تدري أني أنا أكشف وجهي بالمستشفى ؟؟
أنا : لا ما أدري ,, ولو كنت أدري ما كان جيت هنا ولا شفتك
جواهر : ليه ؟؟
أنا : لأني ما أرضى أن أحد يشوف زوجتي ؟؟
جواهر : طيب زميلاتي المتزوجات أغلبهم يكشفون .
أنا : هذي مشكلتهم ,, بس أنا لأني أحب زوجتي ما أرضى عليها الغلط والحرام ,, أما لو كنت ما أحبها بخليها تسوي اللي تبيه لو حتى تحرق نفسها أنا ما عندي مشكله .
بعد كلامي الأخير نهضت جواهر وقالت : يالله مع السلامة ,, والله يكتب اللي فيه الخير .
أحسست بأنها تضايقت جداُ من كلامي بخصوص موضوع كشف الوجه ,, لذلك أصبت بالإحباط وغادرت منزلهم على الفور بعد مغادرة جواهر بدقائق معدودة .
بعد خروجي من منزلهم بربع ساعة ,, وقبل انطلاقي عائداُ الى المنطقة الشرقية ,, وصلني اتصال من العقيد خالد طالباُ مني العودة لمنزلهم لأمر هام .
عدت أدراجي بسرعة لمنزلهم ,, وبعد وصولي تفاجئت بأن خالد ووالده يباركون لي ,, ويقولون أن أبنتهم وافقت علي ,, وهي لمست من خلال حديثها معي الصدق والغيرة والرجولة ,, وهي موافقة على عدم كشف وجهها في العمل بعد الآن ,, وطلبها الوحيد هو أن أترك التدخين بشكل نهائي .
في ذلك المساء جرت الأمور بشكل سريع ,, حيث تواجد الشيخ وعاقد الانكحه في منزلهم ,, وتواجد أثنين من أبناء الجيران كشهود على عقد الزواج ,, وتمت إجراءات عقد القران بحمد الله وفضله .
في نهاية الأسبوع كان هناك حفل مبسط بمناسبة عقد القران ,, حضر فيه أقاربهم ,, بينما لم يحضر من أقاربي سوى خالي ممدوح وعائلته ,, بينما رفض أشقائي الحضور من القريه بعدما قمت بدعوتهم وقال لي شقيقي الأكبر بأنهم نسوا أنه لديهم شقيق مثلما نسوا أن لديهم خال ,, بينما أكتفت والدتي بالمباركة لي عن طريق الهاتف .
حددنا موعد الزواج وكان بعد عقد القران بشهرين ,, وقام خالي ممدوح على الفور بحجز أحدى قاعات الزواج في مدينة الاحساء كهدية بسيطة يقدمها لي .
بينما قمت أنا باستئجار شقة صغيرة في مدينة الخبر ,, قريبه من مقر عملي ,, وقريب كذلك من المستشفى الذي تعمل فيه جواهر .
وضعت في مجلس الرجال في تلك الشقة أشيائي التي لا أستغني عنها وهي " دلالي ومعاميل القهوة " ,, وذهبت الى سوق الحراج وقمت بتأثيث الشقة بأرخص الاسعار .
كانت الضائقة المادية والديون المتراكمة علي هي سبب تقشفي في تلك الفترة ,, وهي من منعني من شراء أجهزة كهربائية جديدة للشقة .
طلب مني العقيد خالد مفتاح الشقة لكي يضعوا فيها ملابس شقيقتهم جواهر ,, وقمت على الفور بأعطاءه ذلك المفتاح .
الغريب في الأمر أنني بعد يومين من أعطائي للعقيد خالد مفتاح الشقة كنت أشاهد عند ذهابي للعمل ومروري بالقرب من الشقه وجود شاحنات للأثاث ,, وفي احد الايام شاهدت شاحنه فيها العديد من الاجهزة الكهربائية ,, عرفت منها المكيفات والثلاجة والغسالة فقط ,, أما باقي الاجهزة لم أعرف أي شيء منها .
بعد أسبوعين ذهبت للشقة لكي أتفقدها ,, وكدت أجن من الذي شاهدته فيها ,, أصبحت مختلفة كلياُ عن الشقة التي استأجرتها ,, وذكرتني بالشقق الفخمة التي أشاهدها في الافلام الاجنبيه .
ولا أنسى أنني وجدت الدلال ومعاميل القهوة في كرتون تحت الدرج .
سألت العقيد خالد عن الذي أحدثه في الشقه وعاتبته كثيراُ على الكلفه ,, فأخبرني بأن جميع ما في الشقة هو هديه من والده ,, ومن شقيقه الاستشاري ماجد وشقيقاته ووالدته .
سألته بعدها عن الاثاث القديم والأجهزة التي اشتريتها ,, فأخبرني بأنهم تبرعوا فيها للجمعية الخيرية .
لم أستطع التحدث بعدها والتعبير عن شكري وتقديري لما قاموا فيه ,, لأن الذي بداخلي كان من الصعب وصفه أو شرحه .
تم الزواج بحمدالله وبركته ,, وأنا الآن أحدثك ياصديقي عقيل بعد مرور خمس سنوات على زواجي من الدكتورة جواهر ,, وأود أخبارك بالتغيير الذي حدث في حياتي بعد زواجي من جواهر :
تركت التدخين بعد مرور ست أشهر من الزواج ,, وقمت بإصلاح جميع اسناني ,, والتحقت بالجامعه بعد زواجي بشهور عن طريق الانتساب ,, وكانت زوجتي تساعدني وتحفزني على الحصول على البكالوريس ومن ثم على الماجستير حتى نصبح نحمل نفس المستوى العلمي ,, انتهيت مؤخراُ من الحصول على شهادة البكالوريوس في الموارد البشرية ,, والآن أنا أجهز لدراسة الماجستير في نفس التخصص ,, وأود أن أضيف لك في النهاية أنني تركت القطاع العسكري والتحقت في احدى الشركات الكبرى .
كنت أتعب نفسياُ عندما أقارن بين عاداتنا وتقاليدنا في القرية وبين العادات والتقاليد هنا .
كنت أتعب نفسياُ عندما أقارن بين طريقة الزواج لدينا وطريقة الزواج لديهم ,, وبين تكلفة الزواج لدينا وبين تكلفة الزواج لديهم ,, إذ زيجاتهم بالكامل لا تتجاوز ال50 الف ريال ,, بينما هذا المبلغ عندنا يذهب كمهر فقط للزوجه .
كنت أتضايق عندما أقارن بين ابنة عمي وطليقتي عائشة هداها الله ,, وبين الدكتورة جواهر والتي رغم وظيفتها المرموقة إلا انها انسانه عاديه جداُ في المنزل " تطبخ ,, تغسل ,, تربي ,, تصل رحمها ,, تثقف نفسها ,, تطمح لأن تصبح استشارية مثل أخيها ماجد"
كنت أتعب نفسياُ عندما أقارن بين تمسكهم بالعادات الايجابية فقط ,, وحرصهم على التطور والتقدم ,, وبين تقديسنا للعادات والتقاليد ,, وكرهنا للتطور والتمدن واعتبارنا أن من ينتقد تلك العادات والتقاليد ليس إلا "رخمه ,, علماني ,, ماهو رجال"
يا صديقي عقيل أنا ما قلت لك قصتي إلا عشان يستفيد منها المتمسكين بالعادات والتقاليد والمحاربين للتطور والتغير لما هو أفضل ,, لأن البعض منهم يعتقد بمجرد أنه أمتلك بيت فخم وسيارة فارهه وأحدث الاجهزة الالكترونية اصبح متطور ومتحضر وأفضل الخلق ,, ولو رحت تخطب من عنده وقلت له بشوف أختك قال لك "وش تقول ؟؟ مو عيب عليك تبي تشوف أختي ,, صحيح أن الزمن تغير بس حنا ما نترك علوم وعادات أبائنا وأجدادنا "
ربي ميز الإنسان يا عقيل عن سائر المخلوقات بالعقل ,, ولكن لما ما يستخدم الأنسان عقله وش يفرق بينه وبين البهائم ؟؟
العقل نعمه عشان نعرف الصح والخطاء ,, والعقل وظيفته يحلل الأمور ويفكر فيها ,, ومو وظيفته الوحيدة أنه يحفظ كلام وعادات القدامى .
كلنا نحب إبائنا وأجدادنا ,, ومحد فينا يرضى أنه يقول أنهم كانوا على خطاء ,, ولكن ليه ننكر أن فيه بعض العادات اللي أخذناها منهم خطاء ؟؟ ومن ضمن العادات الفكرية اللي اخذناها منهم هي العنصرية القبلية .
الاحتكاك بجميع شرائح المجتمع والجنسيات الأخرى شيء ايجابي وما عمره كان سلبي ,, ولكن المصيبة تكمن لما يكون الشخص منعزل في قريته ويرفض الاحتكاك مع المدن والقرى الاخرى لأنه سمع عن أهلها أنهم سيئين ,, والكلام هذا أخذه من ابوه ,, وأبوه أخذه من جده ,, وجده أخذه من جده ,, وجد جده قام بتأليف الكلام بسبب موقف صار له مع احد تلك القبائل في احدى تلك القرى .
إذا ما أخذت الفائدة لنفسك يا عقيل ,, لا تنتظر أنها راح تجيك على طبق من ذهب ,, حاول تغير السلبيات ,, وتصنع الايجابيات ,, حاول تتطور ,, وحاول تتماسك بعقيدتك الدينية ,, ولا تشكك فيها أبداُ ,, عقيدتك الدينية فقط ,, وليس عقيدتك الاجتماعية المتولدة من رحم العادات والتقاليد .
خلف الكواليس :
عقيل : طيب يا عبدالله ممكن سؤال قبل نهاية فلمك ؟؟
عبدالله : تفضل يا مخرج الفيلم ؟؟
عقيل : هل تعتقد أن فيه أمكانية أني أتطور ؟؟
عبدالله : ما فهمت عليك يا عقيل ؟؟ وضح أكثر .
عقيل : الزبدة واللي بقوله ,, ما فيه عند زوجتك جواهر خوات مو متزوجات ؟؟ يا خي نفسي أتطور وأصير كويس مثلك أنت وخالك .
عبدالله : لا والله يا عقيل ما عندهم بنات خلاص ,, بس عمي أبو جواهر توفى قبل سنتين وعطاك عمره ,, وزوجته للحين عايشه ,, لك خاطر فيها ؟؟
عقيل : أممممم ,, زوجته دكتورة ؟؟
عبدالله : لا والله لا هي دكتورة ولا تعرف تقراء ولا تكتب .
عقيل : أممم أجل عطني مهله كم يوم أدرس الفكرة وأرد لك خبر ,, أشوفك أنت وباقي القراء الاعزاء الجمعه الجاية بأذن الله ,, مع السلامة