الجمعة، 9 ديسمبر 2011

(( أمي ,, أبي .. الى مزبلة الإنسانية))

(( أمي ,, أبي .. الى مزبلة الإنسانية))
رافعيات الجمعة



بالقرب من جسر البحرين ,, وفي كورنيش الخبر تحديداُ ,, كنت أتجول ذلك المساء برفقة صديقي زياد ,, ورغم تحملنا للطقس شديد البرودة ,, الا أننا لم نتحمل حينها جمال أعين فتاة كانت تجلس على أحد الكراسي الأسمنتية المقابلة لبحر الخليج .

تواجد الشيطان تلك اللحظة بيني وبين صديقي ,, وكان صديقنا الثالث ,, وقام بإعطانا المخطط الكامل لعملية التحدث مع تلك الفتاة ومن ثم التعرف إليها .

وعلى الفور نفذنا أول خطوات صديقنا الشيطان ,, وذلك بعد استدارتنا قاصدين العودة للمكان الذي توجد فيه تلك الفتاة .

اقتربنا منها ,, وكنا نخشى أن يلحظ أحد المارة وقوفنا بالقرب من تلك الفتاة التي كانت تطيل النظر ألينا .

لم تمضي دقائق كثيرة حتى أتت ردة الفعل من الفتاة التي قالت (( وش عندكم تناظروني من اليوم ؟؟ تبون ترقموني ؟؟ ))

ألتزمت الصمت في بداية الأمر وفعل صديقي نفس الشيء ,, لأننا كنا نخشى حينها من ردة فعل غاضبة من تلك الفتاة .

بعد لحظات تملكتني الشجاعة والجرأة لكي أرد عليها وأقول (( أيوه ,, حنا رجعنا عشان نعطيك الرقم ))

كان جواب الفتاة على ما قلته لها يحمل الكثير من الدهشة وعلامات الاستغراب عندما قالت (( أنا ما أبي الرقم منكم ,, أبي أطلع معكم لأي مكان ,, بس أهم شيء تجيبون لي أكل لأني ما تعشيت ))

طبعاُ جمعيكم متأكدين بأننا لن ندع هذه الفرصة تفوت من بين ايدينا ,, خصوصاً أن صديقنا الشيطان متواجد معنا ولم يغادرنا حتى تلك اللحظة .

أشرنا للفتاة بالموافقة ,, وأخبرناها بأننا سوف نفعل لها ما تريد بشرط جديتها في الذهاب معنا لأي مكان نريده .

سرنا أمام الفتاة التي كانت تسير خلفنا وتضحك على كثرة التفاتنا للخلف للتأكد بأنها جادة في الذهاب معنا وكانت تقول (( وش فيكم تتلفتون للوراء ؟؟ كأنكم مو مصدقين أني بطلع معكم ))

وصلنا إلى سيارتنا ,, وصعدنا الى السيارة ,, ولم نصدق ما تراه الأعين بأن تلك الفتاة تجلس في المقعد الخلفي في سيارتي .

أدرت المحرك وانطلقت بعيداُ عن (( واجهة الكورنيش )) ألمعروفه بكثرة تواجد سيارات الشرطة والمباحث وكثرة التفتيشات المرورية .

قمنا بأخذ وجبة عشاء للفتاة من أحد المطاعم ,, وأكثر ما شد أنتباهنا هي الرائحة المقرفه والكريهه التي كانت تصدر من الفتاة ,, وكأن الماء لم يلمس جلدها منذ أسابيع .

ما أن استلمت وجبة العشاء من عامل المطعم حتى غادرت المكان متوجهاً إلى مكان غير معلوم ,, وكنا نجوب الأماكن ونفكر في أمر تلك الفتاة .

في الوقت ذاته كانت الفتاة في الخلف تتناول وجبتها وكأنها لم تذق الطعام منذ أيام ,, تأكل بشراهة ,, وتشرب بشراهة ,, وكانت علامات التعجب متواجدة على محيانا بشراهة أيضاُ .

بعد انتهاءها من التهام طعامها ,, خلدت بشكل سريع إلى النوم ,, وكأنها طفل صغير متعب ومنهك .

قام صديقي بأخذ هاتفها المحمول الذي كان بجانبها وقام بفتحه حتى يعرف أشياء أكثر عن تلك الفتاة .

أخبرني صاحبي بأنه وجد عشرات المكالمات التي لم يتم الرد عليها في هاتفها المحمول ,, وجميع تلك المكالمات كانت واردة من ((مامي)) والتي على ما يبدو بأنها والدتها .

بعد دقائق قمنا بإيقاظها من نومها ,, وبعد أن أفاقت طلبت منا أن نقوم بأخذها إلى أي مكان تستطيع النوم فيه لمدة يوم على الأقل ,, لأنها لم تذق طعم النوم منذ ليال .

طلبنا منها أن تخبرنا بقصتها كاملة ,, ولكنها كانت ترفض أخبارنا في أوقات ,, وتجيبنا بكلمات غير مفهومة في أوقات أخرى .

نفذ صبري ,, وتحول حب الغريزة في داخلي إلى حب فضول عن أمر تلك الفتاة ,, وأصبحت ألح عليها في السؤال عن قصتها ,, وعن أهلها ,, وعن الأسباب التي جعلتها تبدو بهذه الحالة الرديئة والمزريه .

كانت تطلب مني عدم الصراخ في محياها ,, وتخبرني بأننا نستطيع فعل ما يحلو لنا بها الآن ,, ولكن المهم في الأمر أننا نضعها في غرفة فندق , أو شقه مفروشة , أو لو حتى نضعها في خيمة تجد فيها فراش دافئ يصلح للنوم لأيام أو لساعات على الأقل .

كانت كلماتها تلك سبب قتل الغريزة في داخلي ,, الغريزة التي جعلتني أبدو كالمجنون رفقة صاحبي ونحن نتخيل لحظة خلونا بتلك الفتاة في أحد الشقق المفروشة أو أحدى الاستراحات .

لم أعد أرغب في لمس جسدها والعبث فيه ,, لم أعد أرغب في تفجير ما بداخلي من رغبات شهوانيه مجنونه ,, لم أعد أرغب سواء بشيء واحد فقط ,, وهو معرفة القصة الخفية لتلك الفتاة .

توقفت سيارتي أمام مركز شرطة المنطقة ,, في الوقت الذي كان متوقعاُ فيه أن تحط سيارتي رحالها أمام إحدى الأستراحات أو الشقق المفروشة أو حتى على طريق صحراوي مهجور .

قبل أن أترجل من سيارتي قمت بإقفال أبوابها ,, وأخبرت صديقي بأنني ذاهب لمهمة في داخل قسم الشرطة ,, وطلبت منه عدم السماح للفتاة بالنزول من السيارة مهما حدث .

كانت الفتاة حينها غير مبالية لما يحدث ,, وكأن الأمر لا يفرق معها كثيراُ .

في داخل قسم الشرطة كنت موجود ,, و في مكتب الضابط المسئول عن ذلك المركز تحديداُ ,, وأخبرته خلال أقل من خمس دقائق عن جميع تفاصيل ما حدث في الساعة الماضية مع الفتاة الغريبة .

تفاعل الضابط لما سمعه مني ,, وفز من كرسيه المتحرك ,, وذهب معي إلى سيارتي ,, وقام ب أنزال تلك الفتاة ,, وبإخذها الى مكتبه ,, وقام بعدها بإغلاق باب مكتبه علينا نحن الأربعة .

سأل الضابط تلك الفتاة عن قصتها الكاملة ,, فقامت الفتاة بالتهرب من السؤال بطريقه ملتوية مفادها أنها ضائعة ولم تعد تعرف طريق منزل أسرتها .

بلغ الغضب في نفس الضابط ما بلغ ,, مما جعله يصرخ في محياها البائس ويخبرها بأنه سوف يقوم بوضعها في التوقيف أن لم تعترف وتخبره عن الأسباب التي جعلتها تبدو بهذه الحال .

كانت نتيجة ذلك الغضب ايجابية ,, عندما خضعت تلك الفتاة وخافت من تهديدات الضابط ,, وبدأت في التحدث ,, وقالت كلمات وأشياء لا تصدق وكأننا في مجتمع غير إسلامي ,, وكان أبرز الذي قالته بأنها مشردة في الشوارع منذ أسبوع تقريباُ ,, وذلك لأن والدها ووالدتها منفصلان ,, وكلاُ منهم متزوج ,, ووالدها لا يرغب في وجودها في حياته ,, وزوج والدتها لا يرغب بذلك أيضاُ .

لم نصدق كلماتها ,, والسبب بكل بساطة أننا متواجدين في بلد يسمى بلاد الحرمين الشريفين ولسنا متواجدين في بلد يطلق عليه الولايات المتحدة الأمريكية .

قام الضابط بعد كلمات تلك الفتاة ,, بأخذ رقم هاتف والدها والاتصال فيه ,, ولكن لسوء الحظ أن والدها لم يجب على اتصالات الضابط .

قام الضابط بعدها بأخذ رقم والدتها والاتصال بها ,, وتمكن الضابط من مكالمة والدتها ,, وأخبارها بأن أبنتها موجودة لديهم ,, وطلب منها أن تأتي رفقة زوجها لتستلم ابنتها .
سعدت والدتها كثيراُ لأنها عرفت بأن أبنتها بخير ,, وأخبرت الضابط بأنها تتصل على أبنتها منذ أيام ولكن أبنتها لا تريد مكالمتها ,, وأبلغت الضابط أسفها لعدم مقدرتها على القدوم ألينا في مركز الشرطة لأن زوجها لا يريدها في منزله .

أنزعج الضابط لما سمعه من والدتها ,, وألقى على مسامعها بعض الكلمات القاسية والجارحة ,, ثم طلب منها رقم زوجها حتى يحادثه ويقنعه بأمر القدوم وتسلم ابنة زوجته .

أتصل الضابط على زوج والدة الفتاة ,, وكان الغضب يملئ عيناه حينها ,, لدرجة أن الدمعة التي تطل من عينه كانت على وشك السقوط على الأوراق التي أمامه .
أجاب زوج والدة الفتاة على اتصال الضابط ,, وبعدما عرف المراد منه ,, رفض على الفور القدوم وتسلم ابنة زوجته .
أنفجر الضابط ساخطاُ وغاضباُ من ذلك الشخص ,, وأخبره بأن هذه الفتاة هي عرضه ,, وهي شرفه ,, وكيف له أن يتخلى عنها بهذه السهولة ,, حتى وأن لم يكن والدها ,, ولكنه بمثابة والدها .
بعد تلك الكلمات الغاضبة من الضابط ,, وافق ذلك الشخص على القدوم لتسلم تلك الفتاة ,, وأخبرنا بأنه سوف يكون في غضون عشر دقائق متواجد لديهم .

في فترة انتظارنا لقدوم ذلك الشخص ,, ابتسمت الفتاة وقالت (( ما راح يجي ,, صدقوني ما راح يجي ))

وفعلاُ ,, مضى أكثر من عشرون دقيقه ولم يأتي ذلك الشخص ,, وبعد الاتصال عليه من قبل الضابط ,, كان الجواب هو (( أن الهاتف المطلوب غير موجود في الخدمة مؤقتاُ )) ونفس الأمر لهاتف والدة تلك الفتاة .

نزلت الدموع الصامتة على محيا تلك الفتاة عندما قالت (( حسبي الله ونعم الوكيل ,, كنت زمان أشرف وأنظف بنت ,, ولكن بسبب أمي وأبوي صرت أوسخ من العاهرات ,, شفتوا القطاوة اللي في الشوارع !! والله أنها أنظف مني ))

حقيقة هذه القصة أنها واقعيه وحدثت في بلدي ,, ولكن الغير واقعي أنها لم تحدث معي شخصياُ وحدثت مع أحد الأصدقاء .





رسالة الى زوج تلك الأم : أنت ذكر ولست رجل ,, لأنك لو كنت رجلاُ لما وافقت على الزواج من إنسانة وافقتك على تشريد أبنتها وفلذة كبدها والعيش معك بدونها .
يعلم الله لو كنت مكانك لما ارتضيت أن أفعل بأي فتاة مثلما فعلت أنت بابنة زوجتك ,, لأنني أن فعلت ذلك بابنة زوجتي ,, فلا بد أن أرضى بأي شيء قد يفعله الشخص الذي قد يصبح زوج زوجتي بأبنائي في حال رحيلي عن الدنيا .


رسالة إلى والد ووالدة الفتاة : لا توجد لدي رسائل لكما ,, لأنني لا أتقن لغة البهائم ,, بل حتى أن البهائم التي ليس لها عقل تدافع عن أبناءها بكل ضراوه ,, وتحميهم من أي مكروه قد يحل بهم .


إلى مزبلة الإنسانية غير مأسوف عليكم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تقييمك للمدونة ؟؟