السبت، 15 مايو 2010

(( أبو خالد عطني راسك أبوسه ))


(( أبو خالد عطني راسك أبوسه ))


ضمن سلسة مواضيع رافعيات الجمعه




قبل ما يقارب الأربعة أعوام , في فترة الظهيرة , وفي أحد المناطق التي تقبع في شمال مملكتنا العزيزيه , وفي منزل عم صديقي فيصل تحديداً , كان يتواجد صديقي الخلوق والمحترم جداُ فيصل برفقة والده وأحد أشقائه .
أومى فيصل لوالده بإن يفتح الموضوع الذي قطعوا من أجله مايقارب الألف والمائتين كيلو متر , والذي يهتم بمشروع زواج فيصل من أحدى بنات عمه .

أنطلق والد فيصل يتحدث عن أخلاقيات أبنه وأن أبنه من المشهود لهم بحسن السلوك وأنه أيضاً بار بوالديه وسعيد في حياته , وأن أبنه لا ينقصه سوى أتمام نصف دينه بالزواج .

فهم عم فيصل المقصد من مجيئهم بعد تلك الجمل والمقدمه المعتاده في تلك المناسبات

بعد أن أنتهى والد فيصل من حديثه , ترك المجال لأخيه الاصغر أن يبدي رأيه فيما سمع .

أشار العم بإن أخبار فيصل ومعاملته الجيده مع أخوته وبره بوالديه تصلهم أول بأول , وبأنه يتشرف بأن يكون فيصل زوج أحدى بناته السبع .

تم على الفور أخذ رأي الفتاة المراد إرتباط فيصل بها , والتي لم تبدي أي ممانعة في الموافقه على أبن عمها الذي يعتبر حلم لأي فتاة تبحث عن شاب طيب القلب ومحترم ولبق ومثقف

بعد صلاة المغرب , بدءت مراسم التفاوض وإنهاء كافة إجراءات الصفقه

في البداية تعجب فيصل ووالده من طلب والد الفتاة مبلغ 70 الف ريال كمهر هذا غير أن يكون حفل الزفاف يليق بمقام الفتاة وأهلها , ناهيك عن طلبه بأن تكمل الفتاة دراستها في نفس الكليه التي تقع بالقرب من منزلهم والتي أنهت أول سنه من دراستها وتبقى لها ثلاث سنوات أخرى , وناهيك أيضاُعن طلبه بأن لا يمانع فيصل من ذهاب زوجته لمباشرة عملها في حال تعيينها كا ملعمه في إحدى مناطق المملكه

أخبر فيصل عمه بأن أبنة عمه تستحق أضعاف ذلك المبلغ , ولكنه يمر بظروف قد تمنعه من دفع مبلغ كهذا ولعل أبرز ما يأتي في أجندة تلك الظروف هو أخذه لقرض من أحد البنوك ومساهمته مع والده في بناء منزلهم الذي لم ينتهوا حتى ذلك الوقت من بناءه .

بعد أستعطاف فيصل ووالده , تم تخفيض المبلغ ليصل حتى 60 الف ريال , مع أشتراط والد الفتاة عدم تخفيض المبلغ أكثر من ذلك

بعد مباحثات تمت خارج منزل عم فيصل دارت بين فيصل ووالده محادثه سأدعكم في صلبها :

فيصل : يايبه عمي هذا مايرحم , وش اللي يطلب مني 70 وبعد ما ترجيناه ينزل بس عشر الاف وهو يدري أني اخذت قرض كبير عشان البيت
والده : طيب وش أسوي لك يا ولدي , هذا عمك ولازم نتحمل طلباته وشروطه .
فيصل : يايبه والله حرام , يعني أنا قررت أتزوج من عنده عشان يساعدني مو عشان يكسر ظهري ويهد حيلي ,, خلنا نكلمه مره ثانيه عل وعسى يوصل المهر لخمس وثلاثين أو أربعين على أقصى تقدير
والده : مسألة أني أترجاه مره ثانيه أنسى ,, عييييييب أنت ما تعرف العيب ؟؟ خلاص وافق والله يكون بعونك ,, وهذي البنت مهما كان تبقى بنت عمك ماهي (( بنت شوارع )) عشان نكاسر عمك على المهر .

بعد كلماته الأخيره , عاد والد فيصل أدراجه الى مجلس الرجال , وأخبر أخيه بأن أبنه موافق على جميع الشروط , وأومى لأبن أخيه بأن يذهب لأحضار احدى الشيوخ حتى يقوم بعقد القران بينهم على كتاب الله وسنة رسوله .

كان فيصل محتار في ذلك الحين , ويتسأل داخل قرارة نفسه في فناء المنزل عن أي الألام أكثر تأثيراُ ذلك الوقت ,, ألم الضرس الذي ألم به قبل دقائق , أم ألم الشروط والمتطلبات التي وضعها عمه في طريقه قبل الأقتران با أبنته

تم عقد القران , الكل سعيد في تلك اللحظات ماعادا صاحب المناسبة والرجل الأول في ذلك المساء ومن يكون غير صاحبنا فيصل

أستبدل صاحبنا فيصل عقله في ذلك المساء الى اله حاسبه , حسم من راتبه الشهري ربعه الذي سيذهب لقسط جديد سيكون عبئاً ثقيلاُ خلف ظهره مدة أربع سنوات قادمة , بجانب ذلك عبء القسط الآخر الذي يذهب شهرياً للقرض الذي تم أخذه لمساعدة والده على بناء منزل العمر , وكانت النتيجه أن المتبقي من الراتب يقارب النصف فقط

فوق كل تلك الألام والضغوط الذي تزداد على صديقي المغلوب على أمره , رفض والد الفتاة أن يرى فيصل الفتاة الرؤية الشرعيه التي تأتي قبل الزواج وقبل عقد القران بحجة (( أنهم ما عندهم هالسوالف )) وكأنهم ليسوا بمسلمين ويعرفون أن ذلك الأمر مجاز شرعاً ومن الأمور الضروريه قبل الزواج

عاد صديقي فيصل برفقة والده وشقيقه الى منزلهم في المنطقه الشرقيه , كانت والدته وشقيقاته في قمة السعادة , ولكن تحولت تلك السعادة الى حزن بعد رؤيتهم لفيصل وكأنه عائد للتو من أحدى مراسم الدفن

في تلك الفترة وعلى مدار عامين بعد عقد صديقي لقرانه كرهت فيصل رغم حبي الشديد وتعلقي به , وذلك لكثرة تذمره من وضعه المادي الذي تدهور كثيراُ بعد اخذه للقسط الثاني , أصبحت كلمة ( لو ) لا تفارق لسانه , فتارة تجده يقول ( اه لو عمي خلى المهر 30 كان أموري تمام التمام ) وتارة أخرى يقول ( ااه لو تعفي الدوله جميع المواطنين من ديونهم )

كرهت لو وكرهت عمل الشيطان الذي لطالما أفتتحه صديقي فيصل بتلك الكلمة

ولكن على ما يبدو قائمة المتعاطفين مع صديقي فيصل تعج بالكثير من الأشخاص , ومنهم صديق لفيصل يعمل مع فيصل منذ ما يقارب الثلاث سنوات .

ذلك الشخص الكبير بالسن والذي لم يهبه المولى سوى فتاة أنتهت مؤخراًُ من دراستها المرحلة الثانوية وطفل لم يتجاوز العشر سنوات .

بعد نقاش معتاد يدور بين فيصل وصديقه أبو خالد , أخبر أبو خالد صاحبنا فيصل بأنه لطالما دعى الله أن يحمل أبنه خالد أخلاقيات ولباقة وثقافة فيصل , وأخبر فيصل أيضاُ أنه يكن له كل الحب والتقدير , وأن ظروف فيصل الحاليه تشغل باله في كثير من الأحايين في أوقات العمل وخارج أوقات العمل , لذلك أشار لفيصل بأنه يتشرف بأن يكون فيصل زوج لإبنته خلود , وطلب من فيصل أن يأتيهم مساء اليوم بعد صلاة المغرب لمنزله , وذلك لإحتساء القهوة وبعضاً من الشاي من يد أبنته خلود , وذلك كرؤية شرعيه له قبل الزواج , وفي حال إعجابه بها وقراره الإرتباط بها فأنه لا يريد من فيصل لا مهر ولا غيره , سوى غرفة نوم تجمعهم في منزل عائلة فيصل , وكذلك حفل زفاف بسيط , وإذا لم تحز خلود على أعجابه فلينسى الموضوع وكأن شيئاً لم يحدث , وأضاف بأنه يرى في فيصل القدوة الحسنه لشباب المستقبل وذلك بعد ثلاث سنوات عاشها مع فيصل في ذلك المكتب الصغير , وأنه كم تمنى أن يرزق الله أبنته بشاب يشابه فيصل في كل الأمور .

تفاجأ فيصل من الذي سمعه , وطلب من صديقه أبو خالد بأن يعطيه فرصه ليدرس الموضوع جيداً ومناقشة الموضوع مع والده , وافق ابو خالد على طلب صديقه فيصل وأعطاه مهله مفتوحه لتحديد موقفه .

أستغربت قدوم صديقي فيصل لمنزلي بعد صلاة العشاء ذلك اليوم وهو يعلم بأنني سأكون منشغلاُ في متابعة مباراة لفريقي المفضل

طلب مني فيصل أن اذهب معه في مشوار لأخذ رائيي في موضوع يهمه

وافقت على مضض على ذلك الطلب , و تركت فريقي متقدماً بالنتيجه على أمل أن تنتهي المباراة على تلك النتيجه

في أحدى المخططات القريبه من الحي الذي أقطن فيه أخبرني فيصل لما أخبره به صديقه ابو خالد , طالباُ رائيي في الموضوع .


بعد سماعي ومعرفتي بالموضوع الذي اتاني لأجله دار بيننا الحديث التالي :
أنا : أنت تستهبل والا تستهبل , متردد ومحتار يا فزاع , أحمد ربك لقيت واحد يزوجك بنته وعارف ومقدر ظروفك , أقول توكل على الله وروح شوف بنت ابو خالد الرجال الطيب اللي قليل نشوف أمثاله في هذا الزمن .
قال فيصل : طيب يا عقيل وعمي وش راح يقول , أخاف أنه يزعل خصوصاُ أن زواجي السنه الجايه , وبعدين حرام أني أكسر بخاطر بنته اللي مالها ذنب

انا : الحين همك عمك وأنت اللي ماهمتيه يوم تترجاه ينزل مبلغ المهر؟؟ الحين صرت شاري عمك اللي باع رجولتك وأخلاقك ب60 الف ريال وماقدر ظروفك الصعبه , يارجال أبو خالد شاريك , وصدقني أن بنته كفووو مثله دام هذي علوم أبوها , لا تقهرني يا فيصل ووافق قبل لا تنتهي فترة العرض <<< حشى عرض على غسالة ماهو على بنت
فيصل : لا لا يا عقيل , أنا غبي أني فكرت في الموضوع , كيف أفكر بموضوع زي كذا وأنسى أبوي ورضاه عني , خلاص يا قبطان أنسى .
انا : طيب ليه جايني ومبلشني أبي رائيك وتهمني نظرتك للمواضيع ياعقيل ؟؟ أقول يازين من يجيب عقال ويمحطك فيه أنت وعمك , وش رأيك تقول لخويك أبو خالد عن صديق عزيز عليك أخلاقه ما هي بعيده عن أخلاقك ولكنه يعيبه أن ما عنده بلاك بيري , غديه يوافق يعطيه بنته بنفس العرض اللي عرضه عليك
فيصل : صديق عزيز وما عنده بلاك بيري منهو يا عقيل تراك لحست مخي ؟؟
انا : أحم أحم ترى نحن هنا لا يكون يعني مو عاجبينك والا يعني مو عاجبينك ترى نحن هنا
فيصل : اهااا , توني أفهم , أثريك تتمليح لنفسك من اليوم أجل ههههههه , أقول أغسل يدك , وخلك على بنت صديقك اللبناني اللي كنت خاق معاها في قصة ( لينا وناجي وسنوات الضياع )

بعد ذلك طلبت من صديقي فيصل بأن يقوم با إرجاعي للمنزل لمشاهدة ما تبقى من دقائق المباراة , وذلك افضل بكثير من قضاء وقتي معه

أخبر فيصل صديقه ابو خالد في صبيحة اليوم التالي , بأنه يتشرف بالأرتباط با أبنته , ولكن ذلك الأمر في غاية الصعوبه وقد يعود عليه بالكثير والكثير من المشاكل , تقبل أبو خالد الأمر بكل صدر رحب وأشار لفيصل بأنه اراد مساعدته فقط والضغط على عمه حتى يقوم بتخفيض مبلغ المهر .

بعد ذلك الموقف بخمسة أشهر تقريباًُ أتاني صديقي فيصل والغضب يتملكه , ويخبرني بإن المبلغ الذي كان يعول عليه الكثير والذي أتاه من الجمعيه التي يتشارك بها مع أصدقائه في العمل ذهب الى زوجة عمه وحماته بنفس الوقت وذلك كأجراء روتيني يحدث قبل الزيجات , وأضاف بأنه في بداية الأمر أعتقد أن ذلك الأمر لا يتعدى كونه مزحه من والدته وشقيقته الكبرى , ولكنه رضخ للأمر الواقع وذلك بعد أن أقنعته شقيقته الكبرى بأن مبلغ الجمعيه والبالغ 15 الف ريال سيذهب ثلثينه لحماته والثلث الأخير سيذهب لشقيقات زوجة المستقبل وذلك حتى يستعدن بذلك المبلغ لزواج شقيقتهن
قلت لصديقي فيصل حينها : لا يكون تنسى بس تخلي لي الف ريال على جنب عشان أستعد لعرسك أحسن أستعداد

ضحك صديقي فيصل ومازال الحزن مستوطن لقلبه المسكين وقال : الله يرجك ياعقيل أنا وين وأنت وين , يا حظك والله أنك مرتاااااااح
قلت له : صحيح أنا مرتاح ولكن يتصنع قلبي الراحه <<< سماجه
فيصل : أقول بلا سماجه ويالله أقلب وجهك والشرهه علي أنا اللي جاي أشكيلك


تم بحمدالله وبعد ثلاثة سنوات من الخطبه وكتب الكتاب أن يتم زواج صديقي فيصل من أبنة عمه , ولا يمكنني النسيان بإن حفل الزفاف كلف صديقي فيصل ما يقارب ال50 الف من قاعه فاخره وعشاء فاخر وطقاقات معروفات وكل ذلك بطلب من العروس ووالدتها وشقيقاتها

الأسبوع الماضي كنت متواجد في إحدى وكالات السيارات مع صديقي فيصل وأحد زملائنا الذي يريد شراء سيارة جديده .
كان زميلنا محتاراًُ جداُ في أي السيارات يختار , ولكنني أشرت أليه بإن يشتري سيارة عليها عرض مغري من الوكاله , إحتار زميلنا بشكل أكبر وذلك لأنه يريد سيارة أخرى غير هذه السياره .

أتى صديقي فيصل بالقرب منه وقال له والقهر والندم يتضح في كلامه (( نصيحه لا يفوتك العرض ,, ترى والله بعدين راح تتندم ,, أسئل مجرب ولا تسأل طبيب ))

فعلمت من تلك الكلمات أن صديقي فيصل يعض أصابع الندم على فوات الفرصه وضياع العرض الذي قدمه له صديقه أبو خالد قبل سنتين تقريباُ .

نصائح :


** أغتنموا العروض فأنها قد لا تتكرر ,,
** رسالة مني للذين يتاجرون ببناتهم (( شراء الرجال تعتبر من أفضل الخصال وأجملها , وتزيد صاحبها قدراًُ وكرامة ومعزه , فالذي تساعده بأصعب ظروفه , تأكد بأنه سيكون أول الواقفين بجوارك في حال زيارة المصائب والظروف القاهرة اليك ))
** كن مثالأً لأبو خالد , ولا تكن مثالاً لعم فيصل , فإن شراء الرجال لا يعرف فائدته سوى الرجال ,,


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تقييمك للمدونة ؟؟