السبت، 17 أكتوبر 2009

(الصدق منجاة والكذب مهواة )

(الصدق منجاة والكذب مهواة )


من ضمن سلسلة مواضيع (( رافعيات الجمعه ))


لطالما كرهت الكذب , ولطالما كرهت من يمارس تلك الصفة , ومن يعرفني جيداً سيدرك أن من الحكم التي أعشقها وأسعى الى تطبيقها حكمة ((الصدق منجاة والكذب مهواة )) لذلك أحاول قدر الأمكان أن أبتعد عن تلك العادة القبيحة .
ولكن الأنسان قد يضطر أحياناً للكذب ليتجنب مشكلة قد تقع به في حال قول الصدق , وأنا صادفني هذا الموقف مرتان في حياتي , وسأضعكم في وسط تلك الأجواء التي جعلتني أقع في الكذب رغماًُ عني .


الكذبة الأولى



في مقاعد الدراسة وتحديداُ في الكلية التقنية , كان يوجد دكتور مصري ((
لكيع )) , وفوق لكاعته كان شخص منبوذ , لطالما مارس الكذب معنا وكان علينا تقبل كذباته بصدر رحب , وليس عليه تقبل بعض الأعذار التي نخترعها أثناء التأخير عن محاضرته أو الغياب عنها .
في أحد الأيام أخبرنا ذلك الدكتور بأن الأختبار النهائي سيكون يوم السبت القادم الساعه الثامنه صباحاًُ, ومن عاداتي أيام الأختبارات أنني لا أفتح الكتاب الا قبل الأختبار بيوم , مهما كانت صعوبة ذلك الأختبار .
كان يوم الجمعه موعد لي مع أسترجاع ما تم شرحه من قبل دكتور المادة , أستذكرت الدروس من بعد صلاة العصر وحتى منتصف الليل , فأخذ التعب فيني ماأخذه , ولم أستطع مواصلة المذاكرة , فرأيت أنه من المناسب أخذ قسطاً من الراحه والنوم حتى ماقبل موعد الأختبار بسويعات.
أفقت من سباتي على صوت رنين الجوال , أخذت الجوال ولم أنظر الى الوقت ولكن نظرت الى أسم المتصل فقط , كان صديقي خالد , بعد الترحيب والسؤال عن الأحوال سألني والدهشة تملئ نبرة صوته :
قبطان ليه ماحضرت الأختبار اليوم ؟؟؟؟
في البداية توقعت أنه يمازحني , ولكن عندما ناظرت الى ساعة الجوال وأذا بالساعه
تشير الى العاشرة والنصف !!
نهضت مرعوباً من السرير , لا أعلم ماذا أفعل , ولماذا لم أفق كعادتي على صوت المنبه ؟؟؟
رأيت الدنيا باللون الأسود ذلك اليوم رغم أشعة نور الصباح القوية , وقفت محتاراً في وسط الغرفة , والدمعه على مشارف السقوط على وجنتي , فماذا سيكون عذري ؟؟ وكيف سأقنع الدكتور بما حدث لي , وهل من الممكن أن أعيد دراسة المادة من جديد وهي اللتي تعتبر من أسهل المواد في تلك المرحلة ؟؟
الأحساس بالندم والغبنه لم يكن كافياً لأيجاد مخرج من تلك الورطه , وتزايدت همومي خصوصاً بعد علمي بأن أحد الزملاء حضر متأخراً بنصف ساعه عن موعد الأختبار فتم طرده من قبل الدكتور أشد طرده .
لم أنم تلك الليلة والليلة التي تليها , ولم يهداء لي بال , ولم يرتاح لي جفن , الى أن وصلت الى حل في صباح اليوم الثالث بعد يوم الأختبار وكان يصادف يوم الثلاثاء , ذهبت الى خزانة الملابس , وأنتقيت ثوباً قصيراً , ولبست الشماغ للمرة الأولى بدون عقال وأدرت محرك السيارة قاصداً الكلية التقنيه .
دخلت الى المبنى , في وسط ذهول تام من قبل جميع أصدقائي الطلاب لنوع مظهري , فكأنني خارج للتو من السجن , صعدت الدرج وقصدت باب غرفة الدكتور المصري , طرقت الباب فأتاني الجواب منه بالدخول .
ما أن وضعت قدمي داخل الغرفه وراى وجهي حتى طلب مني والغضب يملئ عينه بالخروج حالاً وعدم تبرير ماحدث لي وجعلني أتغيب عن الأختبار النهائي .
طلبت منه والعين يكسوها اللون الأحمر بأن يسمعني لدقيقة , وهو حر بأخذ رأيه سواء بأعادة الأختبار أو بعدم أعادته
.
قال لي أذا كنت تملك عذراًُ طبياًُ فأنه لن يشفع لك , فأخبرته بأن الذي حدث لي أكبر من ذلك العذر , فقال لي ماهو ذلك العذر , فأخبرته بأنه ظرف أنساني حدث لي يوم الأختبار الصباح , فطلب مني أخباره بذلك الظرف وعلامات عدم التصديق لم تفارق محياه .
تحدثت والحزن يملئ نبرة صوتي في يوم الأختبار وبينما أنا أستعد لمغادرة المنزل قاصداًُ الكلية لاأداء الأختبار أتصل بي والدي ناقلاً لي خبر محزن للغاية وهو وفاة جدتي في ساعات الصباح الأولى , وبأنه ستقوم الصلاة عليها عصراً طالباً مني أخبار والدتي ومساندتها في ذلك الظرف الصعب وعدم مغادرة المنزل , ففضلت البقاء بجانب والدتي على القدوم لاأداء الأختبار))
ما أن أنتهيت من حديثي , حتى بانت علامات التأثر تتضح على محيا الدكتور المصري , الذي مد يده لي وحضنني وقدم لي واجب العزاء , مستفسراً عن عدم حضوري لأخباره بما حدث في الأيام اللتي تلت أيام الأختبار ,فأخبرته أنها كانت تصادف أيام العزاء وما أن أنتهت أيام العزاء مساء الأمس حتى عزمت على القدوم صباح اليوم وأخباره بماذا حدث .
فأخبرني أنه حزين لأجلي , وأنه تسرع في ظلمي , وأنه سوف لن يعيد الأختبار , بل سيكتفي بعمل تقييم لي يحل محل الأختبار .
ودعت الدكتور والفرحه لاتكاد تسعني حتى وأن بدت ملامحي تشير الى عكس ذلك .
أقدم أعتذاري لك يادكتوري فجدتي رحمة الله عليها أنتقلت الى رحمة الله قبل الأختبار بما يقارب الثلاث سنين .
في بداية الفصل الدراسي الثاني كم كان يتملكني الحزن وأنا أرى صديقي الذي تأخر عن الأختبار فتم طرده من قبل المدرس قاصداُ قاعة الدكتور المصري وذلك بعد أعادته للماده على الرغم من تفوقه الدراسي .

الكذبة الثانية



مرت ثلاث شهور على المشكلة التي أفترقت بسببها عن صديق الطفولة و صديق العمر طارق
, كنت أعلم أنني أنا الغلطان , وكنت أسعى جاهداُ الى أرضائه ولكن جميع المحاولات باءت بالفش.
كان يتجاهل أتصالاتي , وكان يرفض الواسطات التي تحاول التقريب بيننا وأصلاح ذات البين , ذهبت الى منزله عدة مرات وكان يخبرني أخوه الأصغر بأنه ليس موجوداًُ على الرغم من أنني رأيته يطل علي من خلف الستاره في غرفته في الطابق العلوي
.
كلما مرت الأيام كلما زاد بي الشوق والحنين للجلوس مع طارق وممازحته
.
في أحد الأيام وأنا أقلب شريط الذكريات في مخيلتي , تذكرت الموقف الأول الذي حدث لي مع الدكتور , فخطرت ببالي فكرة أنني أعيد نفس السيناريو ولكن هذه المره بوفاة جدي الذي توفى قبل عشرات السنين
.
أتصلت بصديقي طارق لكي أخبره بالنباء السيئ ولكنه تجاهل أتصالي , فقمت بأرسال رسالة مخبره فيها بأن(( جدي أنتقل الى رحمة الله )) لم تمض دقائق حتى جأني أتصال من صديقي طارق مقدماًُ لي التعازي ومعتذراً بأنه لايستطيع القدوم لمنزلي وتقديم واجب العزاء بشكل رسمي وذلك لتواجده خارج المنطقه .
قبل كتابة هذا الموضوع كنت مع صديقي طارق نجوب أنحاء المنطقة , وكأنه لم يحدث بيننا خلاف ذات يوم
.
سامحني ياطارق أنت من جعلني أضطر للكذب عليك وأنت تعرفني حق المعرفة , فالكذب من أكره الصفات عندي .





بعض الزملاء يسمون تلك الحادثتين التي كذبت فيهما (( كذب أبيض )) , ولكنني مقتنع بأن الكذب ليس له
الوان , فالكذب هو كذب .
لذلك أنا متاسف جداً على ممارستي لتلك الصفة التي لطالما كرهتها , ولكنني قررت عدم الرجوع أليها في أسواء الأحوال
الا في حال أرتباطي بشريكة العمر , فمن الصعب أخبار الزوجة بكل الأمور بصدق وحسن نية .

قبل الختام آمل من الأخوان والأخوات أن يتركوا لنا هنا بعض المواقف التي أضطروا فيها للكذب وتم أصطيادهم أو كتابة حتى المواقف التي عدت على خير .

تقبلوا تحياتي

هناك تعليقان (2):

  1. اي والله الكذب شين ..
    المرات الوحيدة >>اتمنى انها تكون الوحيدة من جد
    التي الجأفيها للكذي هي عندما يكون الكذب هو السبيل الوحيد لضمان عدم حدوث مشكلة كبيرة بين ابي وامي >>يعني لو أحد سألني عن الثاني أخرش كم كذبة من عندي :)
    يعطيك العافيه

    ردحذف
  2. ههههههههههههه
    ما تنلامين أجل لما تكذبين
    أهم شيء لا تتعودين على الكذب

    ردحذف

تقييمك للمدونة ؟؟